الصفات ـ أرجع المتخاصمين إلى الروايتين اللتين استند الحكمين إليهما ، وأمر بالأخذ بالمجمع عليه منهما ، ثمّ بالأخذ بما وافق الكتاب وخالف العامّة. وهذا الظهور في المقبولة ـ كما فهمه الأصحاب حتى الكليني قدسسره ، حيث إنّ عبارته التي نقلها الشيخ قدسسره في الرسائل ظاهرة في أنّه قائل بالتخيير بعد فقد المرجّحات الثلاث لا مطلقا (١) ـ ممّا لا ريب فيه.
ولا يضرّ بالمقصود أمر الإمام عليهالسلام في ذيل الرواية بإرجاء الواقعة إلى لقاء الإمام عليهالسلام ، لكونه في مورد لا بدّ فيه من الترجيح.
نعم ، ما أفاده ـ من أنّ المرفوعة ضعيفة ـ متين جدّاً ، فإنّها منقولة في كتاب غوالي اللئالي عن العلّامة عن زرارة ، ونقل أنّها ليست في شيء من كتب العلّامة أصلا ، لكونها رواية غير معلومة ، فلا معنى لانجبارها بعمل الأصحاب.
والحاصل : أنّها ضعيفة جدّاً ، لعدم ثبوت رواية العلّامة ، وعلى تقدير ثبوت نقله إيّاها عن زرارة لا تعلم الواسطة بينه وبين زرارة ، فلو كانت موجودة في كتبه ، لم نكن نقبلها فكيف إذا لم يثبت أصل وجودها.
وبالجملة ، الّذي نستفيده من الروايات هو وجوب الترجيح ، ولا نعرف في ذلك مخالفا إلّا صاحب الكفاية ، لما عرفت من أنّ الكليني قدسسره أيضا قائل بالتخيير بعد فقد المرجّحات الثلاث ، والسيّد الصدر شارح الوافية أيضا ليس من القائلين بالتخيير الّذي هو محلّ الكلام ، وهو التخيير في المسألة الأصوليّة ، بل هو ـ على ما يستفاد من كلامه ـ قائل بالتوقّف ، ومعناه الاحتياط في المسألة الأصوليّة وعدم الإفتاء لا بالترجيح ولا بالتخيير وإن كان قائلا به في مقام العمل وفي المسألة الفرعيّة. هذا كلّه في أصل وجوب الترجيح.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٤٩.