الأوّل : أن يكون كلّ من دليلين بينهما عموم من وجه شاملا لمورد التعارض بنحو العموم الوضعي ، كما إذا كان أحدهما «أكرم كلّ عالم» والآخر «لا تكرم أيّ فاسق».
الثاني : أن يكون شمول كلّ له بنحو الإطلاق ، مثل «أكرم العالم» و «لا تكرم الفاسق».
الثالث : أن يكون أحدهما بنحو العموم والآخر بنحو الإطلاق.
وهذا القسم خارج عن محلّ الكلام ، وداخل فيما يكون أحدهما قرينة عرفيّة على الآخر ، كما مرّ.
ولنقدّم مقدّمتين لتوضيح الحال في القسمين الأوّلين :
الأولى : أنّ بعض الأحكام الشرعيّة حكم للدالّ وبعضها للمدلول.
فالأوّل : كحرمة الكذب ، فإذا قال أحد : «جاءني في يوم كذا ألف عالم» وفي الواقع لم يجئه أحد ، فكلامه هذا وإن كان منحلا إلى ألف إخبار في الحقيقة بدالّ واحد إلّا أنّه كذب واحد لا ألف كذب ، وهكذا إذا قال أحد : «كلّ زوج غير منقسم إلى متساويين» فهو كذب واحد وإن كان كلامه هذا منحلّا إلى الإخبارات غير المتناهية ، لأنّ العدد الزوج غير متناه ، وكلّها غير مطابق للواقع ، ومن الضروري أنّه لم يكذب بكلامه هذا بما لا يتناهى عددا ولم يعص بمعاص غير متناهية ، بل كذب واحد ومعصية واحدة.
والثاني : كحرمة الغيبة فإنّها حكم على المدلول ، فإذا فرضنا قال أحد : «كلّ واحد من أهل هذا البدل فاسق» فقد اغتاب بعدد أفراد هذا البلد ، ولكلّ أن يقول : لما ذا اغتبتني ولعلّي لم أكن فاسقا ولو كنت فاسقا لم أكن متجاهرا به؟
المقدّمة الثانية : أنّ الدليل الواحد قابل للتبعيض من حيث الحجّيّة ، وعليه بناء العقلاء أيضا ، مثلا إذا قامت بيّنة على أنّ هذه الدار لزيد وأقرّ زيد بأنّ