المعصوم عليهالسلام ، ولم يكن بناء أصحاب الأئمّة ـ الذين تعلّموا منهم عليهمالسلام أحكام الدين ـ الاقتصار ـ عند سؤال العوام عنهم عن الأحكام ـ على نقل الروايات في مقام جوابهم ، بل كان يسأل السائل مثلا عن السورة في الصلاة ، فيجاب بأنّها واجبة.
وهذا مضافا إلى دلالة آية النفر على ذلك بالتقريب الّذي تقدّم في بحث حجّيّة الخبر ، وإجماله أنّ المستفاد من الآية الشريفة وجوب قبول قول المنذر المتفقّه في الدين عند إنذاره بما تفقّه من الأحكام ، وتقييد وجوب القبول بصورة حصول العلم بالصدق بعيد وعلى خلاف الظاهر ، ودلالة بعض الروايات ، كما دلّ على وجوب اتّباع العلماء ، وما دلّ على أنّ للعوامّ تقليد الفقهاء ، ومفهوم ما دلّ على المنع عن الفتوى بغير علم ، وما دلّ على إظهاره عليهالسلام المحبّة لأن يرى في أصحابه من يفتي الناس ، فإنّه بالمطابقة يدلّ على جواز الإفتاء ، وبالملازمة العرفيّة بين الحكمين ـ : جواز الإفتاء وجواز التقليد ـ يدلّ على جواز اتّباع المفتي والأخذ بفتواه.
فهذه الأدلّة مخصّصة لما دلّ على حرمة اتّباع غير العلم ، والذّم على التقليد من الآيات والروايات لو لا المناقشة في دلالة بعضها ، كقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(١) ، فإنّ ذمّهم إنّما كان على تقليدهم من كان مثلهم في الجهل والضلالة كما تكون لذلك قرينة في نفس الآية الشريفة.
ثمّ إنّ قياس الأحكام الفرعيّة بالأصول الاعتقاديّة في عدم جواز التقليد ـ مع كونه قياسا باطلا ليس من مذهبنا ـ مع الفارق ، ضرورة كفاية معرفة الأصول
__________________
(١) الزخرف : ٢٣.