المستصحبة عند خروج المذي ، فنلتزم بعدم الجريان في الأوّل ، للتعارض ، وبالجريان في الثاني ، لعدم تعارض استصحاب عدم الجعل مع استصحاب المجعول في هذا القسم ، بل هو ممّا يعاضده ويؤكّده ، فإنّ المستصحب في استصحاب الحكم الفعلي إذا كان الإباحة ـ مثلا ـ فالاستصحاب في مقام الجعل يقتضي ذلك ، إذ الأصل عدم جعل حكم إلزامي على هذا المشكوك وبقاؤه على حالته الأولى التي هي الإباحة ، وهكذا استصحاب بقاء الوضوء ، وعدم ارتفاع الطهارة الحاصلة منه لا يعارضه الاستصحاب في مقام الجعل ، بل الاستصحاب في هذا المقام يعاضده ، فإنّا نعلم بناقضيّة أمور ستّة : البول ، والغائط ، إلى آخرها ، ونشكّ في أنّ الشارع هل جعل المذي أيضا ناقضا للوضوء ، أو لا؟ فنستصحب عدم جعل الناقضيّة له.
ومن ذلك ظهر ما في جعله قدسسره هذا المثال مثالا لتعارض الاستصحابين ، نظرا إلى تعارض استصحاب بقاء الطهارة وعدم ارتفاعها بخروج المذي مع استصحاب عدم جعل الوضوء المتعقّب بالمذي موجبا للطهارة وسببا لها ، إذ لا ريب في سببيّة الوضوء للطهارة ، وأنّ الشارع جعله موجبا لها ، وأنّه لو لا وجود رافع ، ليبقى قطعا ، وإنّما الشكّ في بقائه من جهة احتمال جعل الناقضيّة للمذي كجعلها للبول ، فالأصل الجاري في مقام الجعل هو أصالة عدم جعل الناقضيّة للمذي ، لا أصالة عدم جعل الوضوء المتعقّب بالمذي موجبا للطهارة ، فالأصلان متعاضدان.
وبالجملة ، في كلّ مورد يكون فيه الحكم الفعلي المشكوك بقاؤه لأجل الشكّ في سعة دائرة الجعل وعدمها حكما غير إلزامي أو مستتبعا لحكم كذلك ، فالاستصحاب في مقام الجعل معاضد له ، فيجريان معا بلا محذور ، وكلّما يكون الحكم المذكور حكما إلزاميّا يكون الاستصحاب في مقام الجعل منافيا