وثالثة تكون له الحجّة حدوثا لا بقاء ، كما إذا ظهر فسق البيّنة التي أخبرته بشيء ، أو قطع بعدم مطابقة المخبر به للواقع ، فإنّه لا حجّة له في ظرف البقاء ، فما دامت الحجّة باقية يجزئ ما أتى به عن الواقع. وهذا القسم من الإجزاء نسمّيه بالإجزاء الظاهري بمعنى حكم الشارع بمطابقة عمله للواقع وصحّته في مقام الظاهر ، وفي ظرف الشكّ والجهل بكونه صحيحا ومطابقا للواقع ، فهو متقوّم بالشكّ.
وأمّا الإجزاء الواقعي بمعنى حكم الشارع بصحّة المأتيّ به ومطابقته للواقع واقعا ولو انكشف الخلاف فهو ملازم لسقوط الواقع في حقّ الآتي بالعمل ، إذ لا معنى لبقاء الواقع وفساد عمله مع عدم لزوم الإتيان بالواقع ، ضرورة أنّ الحكم بأنّ المأتيّ به فاسد وأنّ الأمر المتعلّق به باق ومع ذلك لا يجب امتثاله ويكتفى بهذا الفاسد عن المأمور به ، مناقضة ظاهرة ، فلا محالة يكون الإجزاء الواقعي في الشبهات الحكميّة ملازما للتصويب ، وكون الحكم الواقعي من الأوّل مقيّدا بعدم ذلك ، وثابتا في حقّ غير الآتي بهذا العمل ، وفي الشبهات الموضوعيّة مساوقا للتوسعة والتعميم ، وأنّ الطهارة ـ مثلا ـ ليس وجودها الواقعي شرطا لا غير ، بل الشرط هو الأعمّ من وجودها الواقعي والإحرازي.
وحيث دلّت الأدلّة على صحّة صلاة من صلّى ـ باستصحاب الطهارة أو بشيء آخر من البيّنة وغيرها ـ في الثوب النجس ، وأنّه لا تجب عليه الإعادة حتى بعد انكشاف مخالفة الاستصحاب للواقع ، فلا مناص عن الالتزام بتوسعة الشرط وتعميمه للواقعي والإحرازي منه ، وإلّا لا يعقل الحكم بالإجزاء واقعا وعدم وجوب الإعادة حتى مع انكشاف الخلاف ، كما عرفت.
فاتّضح أنّ التعميم وتوسعة الشرط ليس إلّا اقتضاء الأمر الظاهري