وحاصل ما أفاده أنّ «كلّ شيء حلال» أو «طاهر» يدلّ على أنّ كلّ جسم من الأجسام طاهر ، وهكذا كلّ فعل من الأفعال ـ سواء تعلّق بموضوع ، كالشرب المتعلّق بالماء وغيره ، أو لم يتعلّق بموضوع ، كالتكلّم ـ حلال ، بطهارة واقعيّة وحلّيّة كذلك ، وقوله عليهالسلام بعد ذلك : «حتى تعلم أنّه قذر» أو «قذر» و «حتى تعرف أنّه حرام بعينه» يدلّ بالدلالة الالتزاميّة على أنّ هذا الحكم الثابت من الطهارة والحلّيّة مستمرّ إلى حصول العلم بالنجاسة والحرمة.
وفيه : أنّ كلّ قيد في الكلام إمّا راجع إلى الموضوع المذكور في الكلام ، أو المحمول ، أو النسبة الحكميّة ، فإنّ أجزاء القضيّة ليست إلّا ثلاثة :
فإن كان راجعا إلى الموضوع ـ كقوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(١) بناء على رجوع قيد (إِلَى الْمَرافِقِ) إلى الموضوع ، وهو اليد ، وأنّه تحديد للمغسول ، لا للغسل ، بمعنى أنّ اليد التي يجب غسلها حدّها إلى المرفق ، ونظيره كثير في العرف ، نحو «اكنس المسجد إلى نصفه» و «اغسل الثوب إلى ذيله» و «بعتك هذه الدار إلى الجدار» ـ فلا يكون له مفهوم إلّا بناء على حجّيّة مفهوم الوصف.
وهكذا إن كان راجعا إلى متعلّق الحكم ، كقوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٢) بناء على رجوع القيد إلى الإتمام ، وأنّ متعلّق الوجوب هو إتمام الصيام إلى الليل ، فإنّه أيضا لا مفهوم له ، لعدم منافاة ثبوت الحكم لموضوع مقيّد أو فعل مقيّد مع ثبوته للمطلق أيضا.
وإن كان راجعا إلى الحكم أو النسبة الحكميّة بأن يقال : إنّ الصوم محكوم
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) البقرة : ١٨٧.