وهذا الكلام جار في جميع آثار الأصول ، التي يشكّ في عروض موجب لزوالها ، فيستصحب بقاء ملكيّة المشتري للمبيع المنتقل إليه بمقتضى استصحاب ملكيّة البائع ، ويستصحب بقاء ملكيّة من ورث باستصحاب حياته إذا شكّ في عروض ما يوجب زوال ذلك ، وهكذا.
فاتّضح أنّ مؤدّى الأصول إمّا لا يجري فيه الاستصحاب ، أو يجري وتكون أركانه تامّة من اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء.
وأمّا الأمارات فإن بنينا على ما بنى عليه صاحب الكفاية قدسسره من أنّ المجعول في باب الأمارات هو التنجيز والتعذير (١) ، نبقى في الإشكال ، ولا يمكننا دفعه ، لأنّ قيام الأمارة على هذا لا يوجب اليقين بالمؤدّى ، فلا يقين بالحدوث ، ولا شكّ في البقاء أيضا ، فإنّه على تقدير لم يثبت ، وقد عرفت أنّ ما أجاب به لا يرفع غائلة الإشكال.
ولكن إن بنينا على ما هو التحقيق من كون المجعول فيها هو العلم والواسطيّة في الإثبات ، فيرتفع الإشكال من أصله ، فإنّ العلم حينئذ له فردان : تكويني ، وتشريعي ، وفي مورد الأمارة وإن لم يكن علم تكويني ويقين وجداني إلّا أنّ اليقين التشريعي موجود ، فإذا شكّ في بقاء المتيقّن ، يتمّ كلا ركني الاستصحاب.
وقد أثبتنا في مبحث القطع (٢) مفصّلا أنّ التنجيز غير قابل للجعل.
وإجماله : أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان قاعدة عقليّة غير قابلة للتخصيص ، ولا يمكن أن يقال : إنّ العقاب بلا بيان في المورد الفلاني غير قبيح ، فلا يمكن جعل شيء منجّزا إذا لم يكن بيانا للواقع لتكون القاعدة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٩ ، حاشية فرائد الأصول : ٤١.
(٢) راجع ج ٣ ص ٥٠ ـ ٥٢.