مخصّصة به ، بل لا بدّ في ذلك من التصرّف في موضوع القاعدة ، وجعل ما لا يكون بيانا علما وبيانا تشريعا كي يكون خروجه عن القاعدة من باب التخصّص لا التخصيص ، فالأمارة علم في نظر الشارع واعتباره وإن لم يكن كذلك تكوينا ، كما أنّ العصير العنبي إذا غلى خمر في اعتبار الشارع ، كما يستفاد من قوله عليهالسلام : «تلك الخمرة المنتنة» (١) فجميع ما يترتّب على العلم الوجداني من الآثار تترتّب على الأمارة أيضا ، ومن الآثار كونه موضوعا لحرمة النقض ، فإنّه من آثار نفس اليقين ، بل ترتّب آثار نفس اليقين على الأمارة أولى من ترتّب آثار المتيقّن ، الّذي يكون من جهة محرزيّة الأمارة وكاشفيتها عن الواقع ، فكيف لا تترتّب عليها آثار نفس الإحراز والكشف!؟
ولا يحتاج هذا إلى دليل آخر ، مضافا إلى ظهور قوله عليهالسلام : «لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا» (٢) وقوله عليهالسلام : «ما أدّيا عنّي فعنّي يؤدّيان» (٣) في ذلك ، وأنّ مثل هذه الطرق من البيّنة العادلة أو خبر الثقة علم في اعتبار العقلاء أيضا.
وبالجملة ، التنجّز من لوازم وصول التكليف وبيانه عقلا ، فما لم يتحقّق البيان وجدانا أو تعبّدا لا تنجّز ، فما لم يعط الشارع الأمارة صفة الطريقيّة والكاشفيّة والوسطيّة في الإثبات لا تكون منجّزة ، فإذا كانت الأمارة طريقا وعلما وبيانا ويقينا تعبّدا ، فلا إشكال في استصحاب ما أدّت إليه عند الشكّ في
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٥٠ ـ ٦ ، و ٦ : ٤١٦ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٢٠ ـ ٦٢٩ ، الوسائل ١ : ٢٠٣ ، الباب ٢ من أبواب الماء المضاف ، الحديث ٢.
(٢) اختيار معرفة الرّجال : ٥٣٥ ـ ٥٣٦ ـ ١٠٢٠ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٩ ـ ١٥٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.
(٣) الكافي ١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ـ ١ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.