ترك ، وأمر عزوجل بإعطاء كلّ منهم نصيبه بالكيفيّة المقرّرة في الآيات السابقة.
كما أنّ الآية الكريمة تدلّ على أنّ الأقرب أولى بالميراث من الأبعد ، فأولاهم بالميت أقربهم إليه في الرحم ، كما في آية اولوا الأرحام ، ومنها تستفاد قاعدة كليّة مذكورة في الإرث ، وهي : «إنّ الأقرب يمنع الأبعد» ، وتقتضيها كثير من الروايات ، وتعرّضنا لها في كتاب الإرث من (مهذب الأحكام).
وأما قول تعالى : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) ، فإنّه يدلّ على أنّ من يدخل في المولى بسبب المعاقدة والمعاهدة أيضا له نصيبه ، وقد اختلف المفسّرون والعلماء في المراد من هؤلاء ، حتّى قال بعضهم : إنّ الآية منسوخة.
ولكن ذكرنا أنّ الآية المباركة مطلقة تدلّ على ثبوت التوارث بالمعاهدة والمعاقدة ، فتشمل إرث الزوجين وضمان الجريرة والإمام ، كما دلّت عليه السنّة الشريفة ، ففي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «أنا وارث من لا وارث له» ، وفي بعض الروايات عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام : أن إرث من لا وارث له من الأنفال المختصّة بالرسول صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام. وعليه إجماع الإماميّة ، وبإزاء ذلك روايات اخرى أنّه لبيت المال ، ولكن لا منافاة بينهما ؛ لأنّهم عليهمالسلام تنازلوا عن حقّهم لمصالح عامّة.
إلا أنّ لإرث هؤلاء شرائط وقيودا مذكورة في الفقه ، فراجع كتابنا (مهذب الأحكام). والآية الكريمة تدلّ على أنّ إرث الذين عقدت أيمانكم متأخّر في الرتبة على إرث اولي الأرحام والأقربين.
ومنها : أنّه يدلّ قوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) على أنّ القواميّة الثابتة للرجال وتسلّطهم على النساء ، هي قواميّة سياسة وتدبير ، كتسلّط الوالي على الرعيّة ، فلا بد أن يعطى زمام الأمور الكلّية والجهات العامّة الاجتماعيّة ـ كالقضاء والحرب ونحو ذلك ـ ممّا يمتاز بالتعقّل والقوّة إلى الرجال ، وقد دلّت على ذلك السنّة الشريفة ، وذكرها الفقهاء في مواضع متعدّدة من الفقه ،