«ولم يكنّ عن أسماء الانبياء تجبّرا وتعزّزا ، بل تعريفا لأهل الاستبصار. إنّ الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست (١) من فعله تعالى ، وإنّها من فعل المغيّرين والمبدّلين (٢) ، الّذين جعلوا القرآن عضين ، واعتاضوا الدنيا من الدين. وقد بيّن الله تعالى قصص المغيّرين بقوله : (لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً)(٣) ، وبقوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ)(٤) ، وبقوله : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ)(٥) بعد فقد الرسول ما يقيمون به أود (٦) باطلهم حسب ما فعلته اليهود والنصارى بعد فقد موسى
__________________
(١) في المخطوطة : «الّتي ليست».
(٢) قال الفيض (ره) في توضيح هذه الفقرة في حاشية تفسيره : «قوله : «ان الكناية» مفعول للتعريف ؛ أراد عليهالسلام ان الله سبحانه صرّح في كتابه بأسماء المنافقين كما صرّح بأسماء الانبياء ، وإنما بدلها المبدلون ، وإنما لم يكن من أسماء الانبياء في مقام ذكر هفواتهم ، بل صرّح بها تجبرا وتعزّزا لئلا يتخذوا من دونه آلهة. وليعرف أهل الاستبصار أنّ التكنية عن أسماء المنافقين ليست من فعله ، بل هو من فعل المغيّرين ، وذلك لعلمه بأنهم سيبدلونها ، ويبقى أسماء الانبياء مصرحا بها بلفظه ، «بل» ليست للإضراب بل للترقي.»
وقال أبو الحسن العاملي الاصفهاني في مرآة الانوار في شرحها : «ثم ان قوله : «بل تعريفا» متعلّق بمجموع قوله «لم يكن» إلى وجه التصريح ، ليس التجبر ، بل تعريف أهل الاستبصار. هذا غاية توجيه العبارة المذكورة ، ويحتمل أيضا سقوط شيء منها.»
(٣) البقرة / ٧٩.
(٤) آل عمران / ٧٨.
(٥) النساء / ١٠٨.
(٦) الاود : الاعوجاج.