وكقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١).
وفيه أنّه إن حمل على غير حفظ الحروف في المصاحف والقلوب فلا ربط له بالمقام وإن حمل عليه ، فان أريد حفظه في الجميع لزم انتفاء الغلط في المصاحف الموجودة بين الناس ، وعدم ضياع المصاحف وبقائها على حالها أبد الدهر ، وعدم سهو أحد في حفظه ، وعدم نسيانه له ، والمشاهد المحسوس كثرة خلاف ذلك ؛ إذ قلّما يوجد مصحف صحيح تامّ لا غلط فيه ، ولا لها بقاء أزيد من سائر الكتب ، ويرد عليه المحو والاندراس وكثرة غلط حفظة السور والقرآن ونسيانهم إيّاه. وإن أريد حفظه في الجملة بأن يكون باقيا ولو في بعض ، فيكفي فيه كونه محفوظا عند أهله ، على أنّ الحفظ غير موقّت بالابد ، فيمكن كونه محفوظا إلى زمان وقوع التحريف ؛ مع أنّه لم يصرّح فيه بالحفظ عن كلّ تحريف وتبديل ، فيمكن بقاء الاكثر محفوظا عند الناس ووقوع التصرّف في القليل ، فلا يضرّ في صدق الاسم عرفا مضافا إلى احتمال إرادة العلم من الحفظ ، كما احتمله المحقّق القمي (٢).
وكدعوى أنّ : «القول بجواز التبديل فتح لباب الكلام على إعجاز القرآن».
وفيه ما أشرنا إليه من ذلك في الزيادة بالمعنى المتقدّم ، ولا يلزم من غيره خصوصا النقيصة.
__________________
(١) الحجر / ٩.
(٢) قال رحمهالله في بحثه عن التحريف : «وأما الدليل على الثاني ، فقوله ... وقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.) وفيه انه لا يدلّ على عدم التغيير في القرآن الذي بأيدينا ، فيكفي كونه محفوظا عند الائمة ـ عليهمالسلام ـ في حفظ أصل القرآن في مصداق الآية. ولا ريب أنّ ما في أيدينا أيضا محفوظ من أن يتطرق إليه نقص آخر أو زيادة ، مع احتمال أن يراد من قوله تعالى (لَحافِظُونَ) : لعالمون.» راجع القوانين ، الباب السادس ، ص ٣٨٩.