النفس وميلها إلى المعاصي والنّيات ترتفع ببركة قرائته وتبياناته ومواعظه وزواجره ودلالاته وغيرها من سائر بركاته. فيخلّص الانسان من الشقاوة الباقية ، ويوصله إلى السعادة الحقيقيّة.
فهو رشد من الغواية ، يحصل منه التّميز بين الضارّ والنافع الحقيقيّ ، كما أنّ الرّشد المالي عقل كيفيّة استثمار المال ، وترك تضييعه والتميز بين المعاملة الضارّة والنافعة ، وجميع أعضاء الانسان وعمره وأمواله ، وجميع ما يرتبط به من نعم الدّنيا أموال يمكن الانتفاع بها لمنافع الآخرة ؛ فانّ الدنيا مزرعة الآخرة. وعقل الانسان أنحاء التصرّفات اللّائقة وصورة ما يمضي منها رشد حقيقيّ يحصل من بركة القرآن.
فهو البيان لفتن الدّنيا وغيرها ، كما هو بيان لكلّ بدعة وضلالة وشبهة وما ضاهاها.
والبلاغ من الدنيا للآخرة ، بل مخرج للانسان عن نشئة الدّنيا الدنيّة إلى دار السّلام ، ففيه كما في الدّين ، الّذي من عدل عنه صار إلى النّار المعنويّة والحسّيّة.
وعن العيّاشي باسناده عن الحارث الأعور ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث قال :
«سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أتاني جبرئيل عليهالسلام فقال :
يا محمّد! ستكون في امّتك فتنة.
قلت : فما المخرج منها؟
فقال : كتاب الله ، فيه بيان ما قبلكم من خبر ، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ؛ من ولّيه (١) من
__________________
(١) العيّاشي : «والله».