من أهل ذلك المقام. إلى أن ينتهي إلى ربّ العزّة في آخر قوسه الصعودي ، فيسجد صورة كما سجد بالخضوع المطلق والفناء معنى. وقد كان مصير القرآن إليه سبحانه في النشأة الاولى.
ثمّ إنّ له بعد ذلك مقاما يؤمر برفع الرأس من السجدة يضاهي مقام البقاء بالله بعد الفناء في الله ؛ وأن يسأل فيعطى ، كما كان مستمدّا مواهب الحقّ سبحانه وبركاته لاهله في الدنيا ؛ وأن يشفع فيقبل شفاعته ، كما كان مقرّبا للعباد إلى الله سبحانه ، وموجبا لشمول الرحمة لهم ، ودفع العذاب عنهم في الدنيا.
ثمّ إنّه يظهر حال القابلين له والتاركين ، كما كان يبيّن في الدنيا أحوال الطائفتين راضيا عن الاولى ساخطا للثانية ؛ كالملك بالنسبة إلى رعيّته ، كموافقته ومخالفته والقبول والردّ المعنويين في الاولى.
ثمّ إنّ الحقّ يحكم بترتّب أحسن الثواب والعقاب بالقرآن هناك ، كما كان استحقاق الفريقين هنا ، ولزوم كلّه الاعطاء والعقاب هنا تابعا له ؛ إذ لا تكليف إلا بعد البيان ، ولا ثواب ولا عقاب قبل التكليف.
ثمّ إنّه يرفع رأسه في صورة رجل شاحب اللّون متغيّر ثانيا ، كالنبيّ الكامل الراجع إلى الخلق بالحقّ بعد الفناء فيه ، قد اجتمع فيه الفعل والانفعال ، والامر والائتمار ، والطلب والاجابة ، والعبوديّة والمرآتيّة للربوبيّة ، وجهة إلى الحقّ ، والاخرى إلى النفس ، فيلزمه تغيّر لونه وكونه بصورة رجل ؛ إذ خلق الانسان في أحسن تقويم.
ومن هذا البيان مضافا إلى الرواية الاولى يظهر عدم المنافاة بين الرواية الثانية والثالثة.
ثمّ إنّه يتعرف إلى الرجل العارف به من الشيعة ، كما تعرّف إليه في
__________________
(١) إشارة إلى قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ.) التّين / ٤.