محذوفا ، وقرينة تعيين المحذوف هو ما يقع بعده ، وهو القرائة والعمل الواقع بعده ، فيناسب في المقام تقدير «أقرأ» متأخّرة عن الجارّ والمجرور ، لا القرائة ، ولا مقدّما لوجوده ذكرها المفسّرون. وفي عطف «أعمل» على «أقرأ» إشعار بأنّ في كلّ مقام يقدّر ما يكون التسمية لأجله. فالمسافر إذا حلّ وارتحل فقال : «بسم الله والبركات» كان المعنى : بسم الله أحلّ وأرتحل وكذلك. ونظيره قولهم في الدعاء للعرس : «بالرخاء والبنين» ؛ أي : بالرخاء أعرست. وتقدير القرائة ونحوها أنسب من الابتداء ليكون الفعل بتمامه منتسبا إلى اسم الله ؛ كقوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.)(١)
وذكروا في معنى تعلّق اسم الله بالقرائة وجهين (٢) :
تعلّق الكتابة بالقلم ، كأنّ فعله لا يجيء معتدّا به إلا بعد تصديره بذكره ، كما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله على ما ببالي :
«كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر.» (٣)
وتعلّق الدهن بالانبات في قوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ)(٤) أي : متبرّكا باسم الله أقرأ ، كما في قوله : «بالرخاء والبنين» أي : ملتبسا بالرخاء والبنين أعرست. وهذا الوجه أعرب وأحسن عند جماعة ، وعلّل بوجوه عديدة من كون استعمال الباء في الملابسة والمصاحبة أكثر من الاستعانة ، وأنّ دلالتها على تلبّس إجراء
__________________
(١) العلق / ١.
(٢) راجع تفسير النيشابوري ، ج ١ ، ص ١٩.
(٣) تفسير الامام ـ عليهالسلام ـ ، ص ٩ ؛ والصافي ، ج ١ ، ص ٥٢ ؛ والبحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٤٢ ؛ وهكذا أخرجه أحمد في مسنده ، ج ٢ ، ص ٣٥٩ ؛ ورواه الزمخشري في الكشاف ، ج ١ ، ص ٥.
(٤) المؤمنون / ٢٠.