من تحصيل الزاد أشدّ من جميع ما تحتاج إليه وهو الفرقان ، وإلى مذكّر لك يذكّرك ربّك ومنسيّ نعمته وما نسيته من عهدك الأوّل ، ويرفع غشاوة الغفلة والنسيان عليك ، وهو الذكر والتذكرة ، وإلى ما في العالم الاعلى لترتبط به ، وتتخلّص من هذه الدار ، وقد نزل إليك التنزيل ، وإلى حديث تستمع له وهو أحسن الحديث ، وإلى موعظة تتّعظ بها وهو الموعظة ، وإلى حكم وحكمة بالغة موصوف بالحكمة محكم الآيات وهو الحكم العربيّ والحكمة البالغة والقرآن الحكيم المحكم الايات ، وإلى شفاء تستشفي به من أمراضك الروحانيّة من الجهل والكفر والأخلاق الرذيلة والعادات السّيئة ، الّتي تؤدّيك إلى موت روحانيّ أبديّ ، وأمراضك الجسمانيّة ، وهو الشفاء لما في الصدور ، وشفاء بقول مطلق ، والى رحمة ترحمه بها ؛ لأنّك محتاج بجميع الشؤون والجهات ، وهو رحمة للمؤمنين بقول مطلق ، وإلى هداية تستهدي بها في ظلمة هذه الدار لمصالحك ، وهو الهدى والهادي إلى صراط مستقيم تصل باتّباعه إلى المقصد الأصليّ ، وهو الصراط المستقيم ، الّذي من تبعه نجى ، وإلى حبل يربطك إلى عالم القدس لينجذب به روحك إليه ، ويبقى معلّقة به ، كما ورد في شأن الخواصّ : أنّهم «صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالملأ الاعلى» (١) ، ويعتصم به من رياح الأهواء وأمواج الفتن ، وهو حبل الله المتين ، وإلى روح تحيي به حياة باقية حقيقة ، فانّك ميّت معنى وإن كنت حيّا صورة ، و «الناس موتى وأهل العلم أحياء» (٢) ، وهو روح نزل من عالم الامر الاعلى ، وإلى قاصّ يقصّ عليك القصص ، وهو المشتمل على أحسن القصص ، وإلى بيان
__________________
(١) الكلام لأمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، فراجع نهج البلاغة ، ح ١٤٧ ، ص ٤٩٧ ؛ وتحف العقول ، ص ١١٤ ، وفيهما : «المحلّ» مكان «الملأ».
(٢) اشارة إلى قول أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في الديوان المنسوب ذيل قوله ـ عليهالسلام ـ : «الناس من جهة التمثال أكفاء ...».