وتبيان يتبيّن به ما خفى عليك ممّا لا يحصيه إلّا الله سبحانه ، ويبيّنه لك ، وهو البيان للناس ، والتبيان لكلّ شيء ، والمبين بكلمة مطلقة ، وإلى بصائر تستبصر بها فيما خفي على بصيرتك وهي البصائر ، وإلى قول فصل يفصّل لك ما التبس عليك بين الحقّ والباطل من كلّ شيء ، وهو القول الفصل ، وإلى نجوم معنويّة تستضيىء بها في ديجور هذا اللّيل الّذي أنت فيه ، وآياته نجم نجوم كذلك ، وإلى تكرير الكلام ليتقرّر ويتثبّت في نفسك وهو المثاني ، وإلى ما يرعد فرائصك ويقرع سمعك بكلام عظيم ليوحشك عن هذه النشأة ويخرجك عنها ، وما يؤنسك إلى ذكر الله ، ويلين قلبك القاسية ، وهو الّذي يقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم ، ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ، وإلى نعمة روحانيّة يتنعّم بها روحك ، وهو النعمة من ربّك ، وإلى برهان تبرهن به في المعارف والعلوم لدفع شبهات شياطين الجنّ والانس ، وتظفر به على من خالف الحقّ ، وهو البرهان النازل من الربّ ، وإلى مبشّر يبشّرك بالثواب على الخيرات ، ومنذر يخوّفك عن الموبقات ، فانّك كالطفل في عمل الآخرة ، تحتاج دائما إلى ترغيب وترهيب لتجتهد في كسبها ، وتتّقي من ضررها ، وهو البشير والنذير ، وإلى كتاب قيّم لاعوج فيه ، حتّى يقام ويعدل به سائر المطالب ، الّتي ترد عليك من داخل وخارج ، وهو القيّم ؛ حتّى ورد في جملة من الأخبار عرض الروايات على الكتاب وطرح ما يخالفه والأخذ بما يوافقه (١) ، وإلى مهيمن على الكتب السابقة ، إمّا بشهادة على صحّتها حتّى تؤمن بما انزل من قبلك ، أو يؤمنك على عدم بطلان فيه ، وإمّا باحاطته على ما فيها حتّى تكتفي به عنها ، ولا تحتاج إليها بعده ، وهو المهيمن للكتاب الّذي بين يديه ، وإلى نور تستنير به في الكلام على ما سبق وهو النور ، وإلى عزيز يمنع نادر الوجود لم يوجد مثله ، أو يمنع الشكوك والأباطيل ويدفعها ،
__________________
(١) ستأتي في المقدّمة الثانية.