أو يمنع المنقطع إليه المتخلّق من كلّ آفة وسوء ، أو ذو عزّة ورفعة شأن حتّى يسرى منه العزّة إلى حامله ، وهو الكتاب العزيز ، وإلى كريم يكرم عليك ما تحتاج إليه ، يدرّ الأرزاق الصوريّة والمعنويّة ، ويعطيك المواهب الجسمانيّة والروحات ، وهو الكتاب الكريم ، وإلى عظيم يجبر به هونك وذلّتك في الدين والدنيا والآخرة ، وهو الكتاب العظيم ، وإلى بركات كثيرة ، ظاهريّة وباطنيّة ، سماويّه وأرضيّة ، يفتح عليك ؛ كما في قوله تعالى : (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)(١) ، وهو الكتاب المبارك.
ولعلّك تفهم ممّا ذكرناه بعض وجوه تجلّي الحقّ سبحانه في كتابه الوارد في الأحاديث إن كنت عالما بمعني التجلّي ، فانّه سبحانه ظهر في كلامه باسم «الفاضل» و «الفاصل» و «المذكّر» و «المنزل» و «الحكيم» و «الشافي» و «الرحيم» و «الهادي» و «المحيي» و «المبين» و «المنعم» و «القيّوم» و «المهيمن» و «النور» و «العزيز» و «الكريم» و «العظيم» ، وسيأتي بيان هذه الاشارة في نظائره ـ إن شاء الله تعالى ـ.
فان قلت :
إنّا لا نجد كثيرا ممّا ذكرت في وصف القرآن في أوّل المقدمة إلى هنا ، ولم نسمع بمن وجد ذلك ، فما وجه صحّة هذه الدعاوي؟
قلت :
ليس معنى وجود الخاصيّة في الشيء أنّ هذا الشيء بأيّ وجه أخذ وفي أيّ حال وعلى أيّ صفة ومقترنا بأيّ شيء ومفترقا عن أيّ شيء له تلك الخاصيّة ، بل معناه في مثل المقام أنّ من كان بصفة كذا إذا أخذ الجزء المعيّن وصنع به كذا ، بشرط كذا وارتفاع مانع كذا ، يحصل منه كذا ، فانّ لكلّ شيء شروطا
__________________
(١) الأعراف / ٩٦.