وفي تفسير القمي في ظاهر عبارته عنه عليهالسلام نحوا منه مع الزيادة (١).
أقول :
قيل : الرزق لغة هو ما ينتفع به (٢) ، فيشمل الحرام والحلال والمأكول وغيره. وزاد المعتزلة ، ومن يجري مجريهم ، قيدا آخر ، وهو أن لا يكون ممنوعا من الانتفاع به ، فلا يكون الحرام رزقا عندهم. وربما يقال : رزق كل مخلوق ما به قوام وجوده وكماله اللائق به ، وعلى كل حال فالعلم رزق متعلّق بالروح ، به كماله اللائق به ، كما أنه داخل تحت عموم ما ينتفع به ، وإنفاقه التعليم. وعلم القرآن أيضا كذلك ، وانفاقه تلاوته للناس تعليما لهم وتنبيها ، وقرائته لنفسه ؛ لأنه صرف له في سبيل الله. وأصل الانفاق وإن كان في أصل معناه على ما ذكروه كالانفاد ، بل قيل : «إن كل ما فائه نون وعينه فاء فدال علي معنى الخروج والذهاب» (٣) فيكون الظاهر منه هو ذهاب المنفق من يد المنفق ، والعلم ليس كذلك ، بل يزداد بالانفاق ، إلا أنه لم يعلم أن ذلك من لوازم معناه في الموجودات العينية من حيث امتناع كونها في مكانين ، أو لأجل اعتبار ذلك في نفس مفهومه ، مع أنّ الظاهر أنّ العلم الحقيقي الباطني الذي هو أصل العلم ، وأظهر أفراده استنادا إلى الحق سبحانه ينفد بالانفاق ، ويخلو القلب منه ببذله.
وربما يدلّ عليه ما ورد عنهم عليهمالسلام على ما ببالي من أنّه : «لو لا أنا نزداد لنفد ما عندنا. (٤)» وإن كان ذلك معدّا لإعطاء العوض ، كما هو الحال في إنفاق الاموال
__________________
(١) القمي ، ج ١ ، ص ٣٠ ؛ والبرهان ، ج ١ ، ص ٥٣ ، ح ١.
(٢) راجع الصحاح.
(٣) الكشاف ، ج ١ ، ص ٢٣ ؛ وأنوار التنزيل ، ص ٩.
(٤) الروايات الواردة في هذا المعنى كثيرة ، فراجع الكافي ، ج ٢ ، باب في أن الائمة ـ عليهمالسلام ـ يزدادون في ليلة الجمعة ، وباب لو لا أن الائمة ـ عليهمالسلام ـ