الواردة في القلب دخلا تحت الهداية ، وإلا صحّ إدخالهما تحت الفلاح. وحينئذ فربما يصح أن يجعل هذا الكلام بمنزلة تفصيل ما أجمل في الآية وتفسيرها. ولنشر إلى بعض ما ربما يصلح بيانا لها ، فنقول :
لعلّ المراد من كون التقوى دواء داء القلب أن الامراض القلبية الباطنيّة كالبخل والكبر والحسد والحقد والرياء وغيرها ممّا هو مقرّر في علم الاخلاق كلّها ترتفع بتحصيل التقوى ، وتسليط التقوي عليها ، باعتبار أن الانسان المتحرز عمّا يضرّ بدينه يتحرّز عن إعمال تلك الملكات ، ويسعى لنفي شوائب الاغراض عن أعماله ليكون العمل خالصا له سبحانه ، وكل ملكة وحال وخلق إذا تركت إعمالها ، وأهملت ولم يلتفت إلى شأنها في مقام العمل ، وارتفع عنها التأثير في العمل أصلا ، وكان العمل على حسب داعي التقوى المخالف له في الصورة كثيرا ، وفي المعنى دائما إذا اعتبر الخلوص فيها ضعفت تلك القوة والحالة والملكة إلى أن يرجع إلى التوسط المطلوب منه.
وأيضا إذا قوي باعث التقوى في القلب من الخوف والرجاء والمحبة والحياء منه سبحانه بحيث أعطي الانسان صفة التقوى ، وألبسه لباسها ، انقهرت تلك الملكات والاحوال والقوى تحت حكمها لمكان مضادّتها ، وكلّما أثر باعث التقوى في العمل ازداد قوة تأثيره ، وضعف به تأثير غيرها.
وأيضا الاخذ بالتقوى في مكان وصول المدد والجذبة من عالم القدس والشفاء الروحاني من عند الله سبحانه ، كما ورد على ما ببالي : أن «من كان لله كان الله له».
وأما كونها بصر عمى الفؤاد ، فلعلّه باعتبار أنّ عمى الفؤاد إما من غطاء المحبّة والعصبيّة وأمثالهما ، المانع عن إدراك الشيء بصفته الواقعيّة ؛ كما قال شعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة |
|
كما أن عين السخط تبدي المساويا |