وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام :
«سبق في علمه أنّهم لا يؤمنون ، فختم على قلوبهم وسمعهم ليوافق قضائه عليهم علمه فيهم ؛ ألا تسمع إلى قوله : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ؟)» (١)
وربّما ينسب إلى الامام عليهالسلام تفسير الاوّل بأنّه : «وسمها بسمته يعرفها من يشاء من ملائكته وأوليائه إذا نظروا إليها بأنّهم الذين لا يؤمنون.» والثاني بأنّ : «ذلك أنّهم لمّا أعرضوا عن النظر فيما كلّفوه ، وقصّروا فيما أريد منهم ، جهلوا ما لزمهم الايمان [به] ، فصاروا كمن على عينيه غطاء لا يبصر ما أمامه ، فانّ الله يتعالى عن العبث والفساد ، وعن مطالبة العباد بما قد منعهم بالقهر منه» (٢).
وعن تفسير الامام عليهالسلام ؛ ذكر قصّة طويلة مشتملة على أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام شاهد رجالا من المنافقين دفع واحد منهم «ثابت [بن] قيس الانصاري» في بئر عميقة ، فأوقع نفسه في البئر وسبقه إلى قرار البئر ، وجاء ثابت فانحدر ، فوقع عليه ، وقد بسطها إليه ، وكان كباقة ريحان تناولها بيده. قال عليهالسلام :
«ثمّ نظرت فاذا ذلك المنافق ومن معه آخران على شفير البئر وهو يقول : أردنا واحدا. فصار اثنين. فجائوا بصخرة فيها مائة منّ فأرسلوها ، فخشيت أن تصيب ثابتا. فاحتضنته وجعلت رأسه إلى صدري وانحنيت عليه ، فوقعت الصخرة على مؤخّر رأسي ، قما كانت إلا كترويحة بمروحة (٣) تروحت
__________________
(١) الآية : الانفال / ٢٣ ، والحديث لم نعثر عليه.
(٢) تفسير الامام ـ عليهالسلام ـ ، ص ٣٦ ؛ والبحار ، ج ٥ ، باب الهداية والاضلال ، ص ٢٠٠ ، ح ٢٤ ، وج ٩ ، باب ما ورد من المعصومين ـ عليهمالسلام ـ في تفسير الآيات ، ص ١٧٤ ، ح ٢ ؛ وهكذا في الاحتجاج ج ٢ ، ص ٢٦٠ ؛ ونور الثقلين نقلا عنه.
(٣) روح عليه بالمروحة ، حرّك يده بها يستجلب له الريح ، والمروحة آلة تحرك بها الريح عند اشتداد الحر.