بحيث لو بقي على طبيعته الاصليّة لما ورد تلك الالام عليه ؛ كالغلّ والحسد والحقد على عباد الله من دون وجود سبب صحيح بحسب العقل لذلك ، بل لعروض حالات رديّة فاسدة أوجبت ورود تلك الهموم ؛ بل مطلق هموم الدنيا وعمومها من هذا القبيل ؛ إذ ليس من شأن القلب بحسب فطرته الاصليّة أن يكون قويّ التعلّق بها بحيث يورد عليه تلك الهموم. فمثاله في الجسد وجود الاخلاط الفاسدة ، وانصباب الموادّ الرديّة على العضو بحيث يوجب حدوث ألم فيها.
ومنها : أن يخرج في غضبه أو خوفه أو خجله عن حدّ الوسط ، ويقع في الافراط فيه أو التفريط ، مع أنّ من شأن القلب الصحيح التوسّط في ذلك. ومثاله في الجسد خروج الانسان في جوعه وعطشه عن حدّ الاعتدال إلى الافراط والتفريط لفساد مزاجه ، فهو فساد مزاج القلب.
ومنها : أن يشتهي ما لا ينبغي له شهوته ومحبّته كفضول الدنيا ، والامور الاعتباريّة كالجاه لفساد مزاجه الباطني. ومثاله في الجسد مثال خروج شهوة الاكل عن ميزانه بميله إلى ما لا ينبغي له طبعا ؛ كشهوة أكل الطين والفحم والافيون وسمّ الفأر وغيرها ؛ وكما أنّ هذا المريض كلّما ازداد أكلا منها ازداد ميله ومرضه ، كذلك المريض القلبيّ كلّما ازداد في تحصيل الفضول وصرفه ازداد شهوته ومرضه القلبي.
ومنها : تغيّر ذائقته ، فلا يجد الحلو حلوا ، بل يجده مرّا ؛ كالقلب الّذي نزع عنه حلاوة مناجاة الحقّ سبحانه. ومثاله الذائقة الّتي غلب عليها الصّفراء حتّى صار يدرك الحلويّات مرّيّات.
ومنها : عدم أنسه بالله سبحانه وخواصّ عباده ، واستيحاشه من الخلوة به سبحانه والمجالسة معهم. ومثاله : بعض أنواع أمراض الدماغ الّذي يوحشه من مجاورة أبناء نوع الانسان ، ويؤدّي إلى فراره منهم ، مع أنّ من مقتضى طباع