التأمّل ، وشاهد طريقة المسلمين ، وتتبّع سائر الاخبار مضافا إلى ما قدّمناه ، ظهر له أنّ ما أحدثه بعض الاخباريّين من عدم جواز استنباط العلوم من القرآن بعيد عن إصابة الحقّ والصواب ، ولعلّه كفران بهذه النعمة العظيمة ، الّتي أنعم الله سبحانه على عباده حيث أنزل إليهم كتابا جامعا لأنواع العلوم والمعارف ليدّبّروا آياته ، وليتذكّر اولوا الالباب ، وإنّه آيات بيّنات لا إجمال ولا ريب فيه ؛ كيف والاجمال والاغلاق وعدم وفاء اللفط بالمراد نقص في الكلام ، ومناف لبلاغة الكلام ، وكلام الله سبحانه منزّه عن كلّ نقص وكامل تامّ. وتفصيل البحث موكول إلى علم الاصول.
وليعلم أنّ القدر الّذي ذكرنا من الاخذ بظاهر القرآن ، والمعنى الّذي يتبادر منه عرفا موقوف على الاطلاع على معاني المفردات وقوانين تأليفها ، وملاحظة القرائن الحاليّة والمساقيّة والمقاليّة ، وجميع دقائق الكلام ، والبحث عن القرائن المنفصلة من الاحاديث ، وسائر الادلّة العقليّة والسمعيّة.
فأمّا حمل القرآن على معنى من دون اطّلاع على القواعد اللفظيّة ، أو عدم الالتفات إلى القرائن والدقائق اللفظيّة ، أو عدم البحث عن القرائن المنفصلة وملاحظة حال الناسخ والمنسوخ والمجمل والمفصّل وغيرهما ، أو تخصيص شيء منها بمورد بملاحظة استحسان عقليّ ، أو نكتة غير عرفيّة ، أو محض ميل نفسه إليه ، أو تعصّب لمذهبه ، أو تقليد مفسّر غير معصوم ولا آخذ عنه ، أو خيال سبق إلى ذهنه ، أو قاعدة خارجيّة فاسدة ، أو قياس فاسد إلى غير ذلك ، أو حمل اللفظ المحتمل لوجهين أو وجوه على معنى بأحد الامور المشار إليها ، أو تصرّف آخر غيرهما بواحد منها كما هو كثير في تفسيرات المفسّرين فهو غير صحيح ، وفيها يتحقّق تفسير القرآن بالرأي وضرب بعض القرآن ببعض ، والقول في القرآن بغير علم ومن دون سؤال علماء آل محمّد صلىاللهعليهوآله مع التمكّن منه ، كما هو شأن «قتادة» و «أبي حنيفة» وأضرابهما ، والاخذ