أنّ إشراق الاسلام كان في ظاهر الناس قويّا ، ثمّ سلخ الله من اللّيل النهار ، فاذا هم مظلمون ، وذهب الله بنورهم عند قبضه صلىاللهعليهوآله فصاروا في ظلمات لا يبصرون نورهم الّذي هو أهل البيت ، فأظلمت الدنيا ، وبقي أهلها في ظلمة اللّيل لا يبصرون النور الّذي هو الامام.
ويناسبه إطلاق الاضائة أوّلا الّذي هو صفة الشمس ، وذكر النور في الذهاب به ، الّذي هو صفة القمر ، فالمضيء الشمس ما لم يسلخ ، والمذهب به هو القمر ، وليس الذهاب به إلا استصحاب الحقّ إيّاه ، والمضيء به معه لا الانعدام على ما سبق ، وهو مقام توجّهه إلى الله سبحانه ، وتفرّده عن الخلق.
ويمكن أن يكون الرواية ناظرة إلى تطبيق المثال الخارجيّ المذكور في الآية إلى عالم المعنى ، فيكون مستوقد النار هو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وإضاءته إشراق نور الاسلام وظهور كلمته ، والنور نور الامام ، وإذهاب الله بالضياء هو ارتحال النبيّ صلىاللهعليهوآله وبقائهم في الفتنة العمياء الحادثة بعده.
ويناسبه عدم التعبير بضمير المفرد المطابق للمستوقد ؛ إذ لم يذهب الله بنور النبيّ صلىاللهعليهوآله في حدّ نفسه ، ولم يتركه في الظلمات ، بل أذهب بما أشرق عليهم من نوره عنهم ، وترك هؤلاء في ظلمات لا يبصرون.
وكما أنّ نور القمر مأخوذ من الشمس ، كذلك علم الامام من علم الرسول ، فالشمس هي المنيرة أوّلا ، كما أنّ النبيّ هو المنير الاوّل في عالم المعنى ، وهو الضياء المشرق في النهار الّذي هو عالم الظاهر ، والقمر هو المنير ثانيا خلافة عن الشمس ووساطة بينها وبين العالم ، كما أنّ الامام هو الثائي في مقام المعنى وإشراقه في الباطن ، والخفاء الّذي يساوقه اللّيل في الظاهر. وكما أنّ لعالم الظاهر نهارا وليلا ، كذلك لنور الهداية زمان ظهور وإشراق ، وزمان انسلاخ نهار عن اللّيل وخفاء تامّ له.