البارد جدّا لكثرة الاجزاء الناريّة والحرارة فى مادّة السحاب حينئذ الموجبة لكثرة تصاعدها ووصولها إلى الهواء القويّ البرودة الموجب لشدّة عقد السحاب ، واحتباس تلك الاجزاء في باطنه ؛ ولذا لا يظهر دائما أو غالبا شيء منها في سحاب الثلج ؛ إلى غير ذلك من الشواهد والامارات.
لكنّ هذا إنّما هو في عالم الاسباب الطبيعيّة الظاهريّة الكائنة في ظاهر عالم الكون والفساد ، فلا ينافي ذلك وقوع ذلك بسبب الملائكة الموكلين بتلك الاجرام والطبائع ؛ وأن يكونوا هم الفاعين لتلك الافاعيل واقعا بتلك الاسباب الظاهريّة والقوى والاستعدادات ؛ وأن يجري على ذلك الملك الزاجر للسحاب بتلك الاجزاء النارية حيث إنها السبب في تحرّك السحاب وصعوده وانتقاله في حدّ نفسه دون ما يعرضه من جهة الريح ، ونحوه اسم الرعد ، ويقال ذلك الاسم على الملك الموكل بهذا الشأن الذي يستند إليه ظهور هذه الاسباب الظاهريّة في ظاهر عالم الشهادة ، وتوصيفه بأنّه الزاجر للسحاب ؛ وأن يقال : إنّه الملك الموكّل بالسحاب ، وأنّه يسبّح لكونه من جملة الملائكة المسبحين ؛ وأنّ الرعد صوته لكونه المبدء في ظهوره ، كما أنّ الانسان مبدء لظهور كلامه في الهواء في قالب فمه ، مع أنّ حقيقة الانسان مغاير للقالب ؛ وأنّه ريح تختنق تحت السماء إن أراد به الهواء المركّب مع تلك الاجزاء الناريّة ، واختناقه في داخل السحاب الواقع في جهة العلوّ ، أو تحت جوهر السماء ؛ وأنّه مخاريق الملائكة من حديد تضرب به السحاب فينقدح منه النار لما ذكرنا من كون تلك الاجزاء الناريّة حاصلة من أفاعيل الملائكة دالّة لفعلها وعندهم أصلها ومعدنها.
فان شئت جعلت المخاريق نفس تلك الاجزاء الناريّة ، وكونها من حديد لمشابهتها له جوهرا ، أو كونها عند الاستحالة حديدا أو قريبا به ، وضرب السحاب به شقّ السحاب الملك به ، وانقداح النار منه ظهور لمعانه بعد انشقاقه.