كهيئة ذلك» (١).
ولقائل أن يقول : إنّ ظهور البرق والرعد لاجتماع الاجزاء الناريّة والدخانيّة في باطن السحاب المتراكم الحاصل من الابخرة الّتي اشتمل على تلك الاجزاء النارية والدخانيّة قبل تراكمه ، فاذا اجتمع تلك الاجزاء في باطن السحاب بعد تراكمه ببرودة الهواء العالي أو الزمهرير ، وتكاثفه من جهة البرودة وانعصاره ، وكان أعلى السحاب أشدّ تراكما من أسفله لكون أعلى الهواء أبرد من أسفله ، اندفعت تلك الاجزاء ، وتخلّصت من الطرف الاسفل وشقّته وظهرت بصورة نار ذا بريق ولمعان ، وحصل من ذلك الانشقاق صوت هائل ، فيكون البرق والرعد ؛ لكنّ البرق يدرك بالبصر ، وهو لا يظهر لادراكه زمان ، فهو مقارن للحالة المبصرة حقيقة أو عرفا ، والرعد يدرك بالسمع ، فيلزمه تأخّر الادراك إلى وصول الصوت من السحاب إلى الارض ، كما يشاهد نظيره في آلات النار المصنوعة للحرب ، فان إدراك البصر ضوء نيرانها مقدّم للبعيد على سماع صوتها.
ويشهد لما ذكرنا من المنشأ للرعد والبرق أنّ الاكثر تصاحبهما معا وتأخّر الرعد عن البرق على حسب اختلاف السحاب قربا وبعدا إذا لم يكن السحاب بعيدا جدّا ، وإلا ظهر البرق دون الرعد ؛ لأنّ في إدراك البصر الضوء في الظلمة امتدادا يزيد على قرع الصوت الهواء المقابل له ، وأنّ الاكثر حدوثهما في السحاب المتراكم جدّا ، وفي الربيع وما يقرب منه من حيث الحرارة دون أصل الشتاء
__________________
(١) الفقيه ، ج ١ ، باب صلاة الاستسقاء ، ص ٣٣٤ ، ح ٩ ؛ والعياشي ، ج ٢ ، ص ٢٠٧ ، ح ٢٣ ؛ ونقله أيضا الفيض (ره) في الصافي ، ج ١ ص ٨٦٧ ؛ والمجلسي (ره) في البحار ، ج ٥٩ باب السحاب والمطر والشهاب ، ص ٣٧٩ ، ح ٢٠ ؛ والبحراني في البرهان ج ٢ ص ٢٨٥ ، ح ٧ ؛ والعروسي الحويزي (ره) في نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٣٧ ، ح ٣١.