واعترض بأن المحال ليس شيئا اتفاقا ، وأجيب بأنّ : ذلك الخلاف في الشيئية بمعنى التقرر والثبوت في الخارج ، لا في إطلاق لفظ الشيء. فانه بحث لغوي ، مرجعه إلى النقل والسماع ، لا يصلح محلا لاختلاف العقلاء الناظرين في المباحث العلمية. والظاهر من طريقة الحكماء أنّ الشيئيّة تساوق الوجود ، وأن ما ليس بموجود ليس بشيء.
وفي المجمع بعد أن اختار الاول أيده بذيل هذه الآية وقال : «فان كل شيء سواه محدث ، وكل محدث فله حالتان : حالة عدم ، وحالة وجود ، وإذا وجد خرج عن أن يكون مقدورا للقادر ، لأن من المعلوم ضرورة أن الموجود لا يصح أن يوجد ، فعلمنا أنه إنما يقدر عليه في حال عدمه ليخرجه من العدم إلى الوجود ـ ثمّ قال : ـ وعلى هذه المسألة يدور أكثر مسائل التوحيد» (١). وذكر فى آخر كلامه في تفسير الآية أنّه : «قادر على الاشياء كلّها على ثلاثة وجوه : على المعدومات بأن يوجدها ، وعلى الموجودات بأن يفنيها ، وعلى مقدور غيره بأن يقدر عليه ويمنع منه» (٢).
وهذا الكلام لا يلائم ما سبق منه إلا أن يقرر في خصوص القدرة على الايجاد بأن يقال كما أورده بعضهم : من أنّه لو كان الشيء هو الموجود كما يزعمون ، لما كان متعلّقا للقدرة ، لأنها عبارة عن الصفة المؤثرة على وفق الارادة ، وتأثيرها هو الايجاد ، وإيجاد الموجود محال.
وهو أيضا فاسد ، وكيف يخرج الموجود عن تحت القدرة والحال أن وجوده قائم بقدرته ، وأثر له؟ وكيف ينفك الاثر عن المؤثر؟
بل التحقيق أن الممكن له حالة واحدة افتقارية إلى موجده في حال عدمه
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٥٨.
(٢) نفس المصدر ، ص ٥٩.