لفراره عن صقع الوجود والشيئية ، فلاحظّ له من الهوية حتّى يشار إليه ويحيط به العقل ويدركه الشعور ويصل إليه الوهم. فالحكم بكون شيء ممتنعا بالذات بضرب من البرهان على سبيل العرض والاستتباع ـ إلى آخر ما ذكره».
وحينئذ فنقول : إنّ الممتنعات الذاتية إذا لم تكن بحقائقها موجودة في الخارج ولا في الذهن ، ولم يكن لها ثبوت وتقرر في الواقع يوجب تميزها في نفس الامر ، فمن أين صحّ الحكم بأنّها أشياء ، وأنّها داخلة تحت لفظ الآية حتّى يحتاج في إخراجه بالتزام التخصيص؟
وأمّا مفاهيمها ، فهو إن وجدت في الاذهان لا تصدق عليها ذلك المفاهيم بالحمل المتعارفي وإن صدقت عليها بالحمل الذاتي ، فمفهوم اجتماع النقيضين ليس اجتماعا لهما بالحمل المتعارف وإن كان هو بالحمل الذاتيّ ، كما بيّنه صدر الحكماء في كتابه الكبير فالمصداق ليس شيئا ، والمفهوم ممكن مندرج تحت العموم. وتتمة الكلام في ذلك موكول إلى محلّه.
وأمّا الالتزام بالتخصيص في لفظ الشيء بما سوى الواجب ، فنحن ولو كنّا قائلين بأنّه سبحانه شيء بحقيقة الشيئية بخلاف الاشياء كلّها بالعقل والسمع ، لكنّا نقول : المنساق من لفظ الشيء في الآية هو ما سوى الواجب سبحانه. ألا ترى إلى أنّه إذا قيل : «فلان أمير على الناس» لم يفهم منه انّه أمير على من ورائه منهم ، ولم تدخل فيه نفسه ، على أنّ في إدخال الحق سبحانه تحت العموم في عرض الممكنات ، والبناء على أنّه شيء وسائر الممكنات أشياء في عرضها حتّى يرد عليها لفظ العموم ، كلاما غامضا حاصله أنّه : لا ثاني للحقّ سبحانه ولا يعرضه العدد ، فيقال : الشيء الاوّل الحقّ سبحانه والثاني الممكن. ولعلّك تطلع على بيانه ـ إن شاء الله تعالى ـ.