ثم إنّ في كلمة «لعلّ» وما شابهها في المقام ونظائره من سائر الآيات الكريمة إشكالا اختلفت الانظار فيه ، وهو : أنّ كلمة «لعلّ» مغناه الحقيقي مقصور على الترجي والاشفاق ، كما يظهر من جماعة (١) ، ونسب إلى جمهور أئمّة اللّغة. تقول : لعلّ زيدا يكرمني ، ولعلّه يهيننى ، وقال الله تعالى : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)(٢) ، (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ)(٣).
وفي الصحاح : «لعلّ كلمة شكّ». وهو أعمّ منهما ؛ إذ الترجّي هو توقع محبوب ، والاشفاق ترقّب مكروه ، وربما يخلوا الشيء المشكوك حصوله من المحبوبيّة والمبغوضيّة. ويمكن حمل التخصيص بهما على ذكر الافراد الغالبة حيث إنّ المذكور بعده غالبا أمر يتعلّق به غرض المخاطب خوفا أو رجاء ، وهو قريب جدا في مثل ما وقع من «ابن هشام» هنا حيث انّه ذكر في معناها التوقّع ، ثم قال : وهو ترجّي المحبوب والاشفاق من المكروه» (٤) ، وحمل كلام الجوهري على بيان الجنس إجمالا ، لا أنّ معناه إظهار مطلق التردد ؛ لكنّ الاول أقرب بظاهر النظر في العرف حيث لا نجد فرقا بين تعلّقه بالمبغوض وبما ليس مبغوضا ولا محبوبا وإن كان فرق في مواردها ، فهو بالنسبة إلى الترجي وتوقّع المحبوب وبين غيره حيث إنّه ربّما ينساق إلى الذهن من كلمة «لعلّ» خصوص الترجّي.
وذكر بعض الافاضل : «أنّ التوقّع على الوجهين يعني : في المحبوب والمكروه ، قد يكون من المتكلّم ، وقد يكون من المخاطب ، وقد يكون من غيرهما ،
__________________
(١) كالزمخشري والرازي والسيبويه ، فراجع الكشاف ، ج ١ ، ص ٤٥ ؛ ومجمع البيان ، ج ١ ، ص ٦٠ ؛ والتفسير الكبير ، ج ١ ، ص ٣١٩.
(٢) طه / ٤٤.
(٣) الشورى ١٧.
(٤) ذكره في المغني ، الباب الاول ، كلمة «لعل».