كما يشهد به موارد الاستعمال». وكأنّه نظير كلامه المتقدّم في بيان عبارة الكشاف حيث حمل اللّفظ على حسب معتقد المخاطب.
فان أراد هنا أنّ المحبوبيّة والمكروهيّة قد تكونان من المتكلّم ، وقد تكونان من المخاطب ، وقد تكونان من غيرهما ، فيكون مراده من التوقّع هو الانتظار الملازم لتعلّق همّ المتوقّع به ، وإمّا لكونه محبوبا له أو مبغوضا له ، فهو غير بعيد ، كما لم نستبعد في صورة انتفائهما رأسا إطلاق كلمة «لعلّ».
وإن أراد كون التوقّع بالمعنى الاول المساوي للترديد يكون من كلّ واحد منهم ، فان أراد صحّة الاطلاق ولو مع تصرف مخرج للّفظ عن أسلوبه الاصليّ فصحيح في الجملة ، وإن أراد كونه بحسب قانونه الاصليّ أعمّ ، ففيه ما عرفت نظيره ، وأنّ المتبادر من الكلمة هو إنشاء التوقّع أو إظهاره من نفس المتكلّم ، لا إيجاد توقّع الغير ابتداء أو الكشف عنه ؛ كما أنّ معنى الامر والنهي والاستفهام وغيرها هو خصوص طلب المتكلّم واستفهامه لا غير.
ويمكن إرجاع كلامه إلى ما سنذكره ، والذبّ عن الاعتراض به. وحينئذ فنقول : إنّ الشكّ والترجّي والاشفاق كلّها ممّا يمتنع عليه سبحانه العالم بكلّ شيء أزلا وأبدا بذاته الغنيّ المطلق ، الذي لا ينفعه ولا يضره شيء بالضرورة العقليّة ، القادر على كلّ شيء لا يخرج عن تحت حكمه وإرادته التكوينيّة شيء من دون توسّط حالة منتظرة. المقدّس عن عروض الحوادث وتغيّر الاحوال عليه ، الذي إليه يرجع كلّ خوف ورجاء ؛ لأنّه منتهى كل شكوى ومنتهى مطلب الحاجات ، ومن عنده نيل الطلبات ، فكيف يكون راجيا أو مشفقا وهما مع الشك والتردد من خواص الافتقار والنقصان اللازمين لدائرة الامكان؟
وأمّا ما ذكره جماعة منهم : «الاخفش» و «الكسائي» و «ابن الانباري» من أنّ : «لعلّ» يجيء للتعليل ، وأنّه قد يكون مرادفا لكي ، فقد ردّ بأنّ جمهور