أئمّة اللّغة اقتصروا في معناها الحقيقيّ على الترجي والاشفاق ، وبأنّ عدم صلوحها لمجرد معنى العلّيّة والغرضيّة ممّا وقع عليه الاتفاق. ألا تراك تقول : دخلت على مريض كي أعوده ، وأخذت الماء كي أشربه ، ولا يصحّ لعلّ؟
والّذي يظهر لي في حلّ الاشكال عن المقام ونظائره أنّ كلمة «لعلّ» وما شابهها تستعمل تارة في الترديد الفعليّ من المتكلّم وانتفاع جزمه بأحد طرفي النقيضين ، وأخرى في الترديد من جهة ولحاظ خاصّ دون أخرى ، ولا من حيث مجموع الجهات ، كما أنّ المستدل إذا أثبت بطلان ما اعتقده الخصم دليلا ربّما يقول : فلعلّ مطلبك باطل ، مع أنّه جازم به ، لكنّ الاطلاق صحيح بحسب هذه المرتبة من النظر والبحث.
وببالي ورود مثل هذا الاطلاق في مناظرة الامام عليهالسلام للزنديق المنكر للصانع بابداء الاحتمال ب «لعلّ».
وقريب من ذلك ملاحظة صلاحيّة الشيء في حدّ نفسه لشيء بحيث لا يتعين بحسب ملاحظة وقوع ذلك الشيء ولا عدم وقوعه ، سواء كان ذلك الشيء الغير المتعين غاية له ، كما يقال : غرست الشجرة لعلّه يثمر ، وإن كان جازما لوقوعه سابقا أو لاحقا أو عدمه كذلك ، أم لا كما يقال : هذا مريض لعلّه يشفى أو يموت إذا كان المقصود بيان أنّ شأن المريض في حدّ ذاته صالح للأمرين معا ، من دون نظر إلى أمر خارج عن ذلك ، وأنّه بملاحظة الامور الخارجية هل تعين أحدهما أم لا؟ وأنّ المتكلّم هل هو متردد فعلا أم لا؟
وحينئذ فيكون المستفاد من الكلمة هو نفس صلاحيّة متعلّقة للوقوع ، وأنّه في معرض ذلك ، وبحيث لو نظر فيه الناظر تردد في وقوعه وعدمه لعدم تعيّن أحدهما في حدّ نفسه.
ولعلّ مراد من أثبت معنى التعليل لكلمة لعلّ مردافة ل «كي» اداء