الجهات المتقدمة خالية عن الجهات المنافرة عنه ؛ كسائر الامور المعدّة للأغراض الحاصلة بها حيث يعتبر فيها اختصاص بها في كلّ شيء منها بحسبه.
فيصحّ إطلاق الفراش على الارض بالمعنى المتقدم بعد كونها مبسوطة لأجل الاستقرار عليها ، والتقلّب فيها ، وكونها ملائمة موافقة ، كما يظهر من ملاحظة كون الاجساد مخلوقة منها ، وأنّ العنصر الغالب فيها هو التراب ، وأنّ الاصل في المركب أن يكون تابعا للجزء الغالب فيها ، وأنّ الشيء يميل إلى أصله ، وخلوها من الافراط في الحرارة والبرودة المؤديتين إلى الاحتراق والجمود ، وتوسّطها في اللّين والصلابة ليتمكن الانسان من الاستقرار والتقلّب من دون تأذي ، وخلوها عن الرائحة ، حيث أنّ الرائحة الدائمة تؤدي إلى تغيير الكيفيّة الثابتة لمزاج الانسان ، وتوجب الطيّبة منها الصداع ، كما يظهر بالتجربة ، وتؤذي الكريهة منها ، وإذا دامت ربّما أدت إلى الهلاك في بعض أقسامها ، وكونها صالحة لجميع التقلّبات المقصودة منها من بناء الدور والقصور والقبور ذات متانة وتماسك يترتب عليها المقاصد ، ولا تزيد على القدر اللائق بها فيتماسك عليها الابدان والبنيان وجميع ما يحمل عليها وينقاد لكلّ شكل وصورة صبغت عليها ، ولسائر وجوه المنافع. فهذه جعلها فراشا على حذو ما سبق في الرواية.
ولعلّ تخصيصها بالذكر توكيل لأشباهها وسائر الخصوصيّات المتحقّقة في كونها فراشا إلى اعتبار المعتبرين وتوسّم المتوسمين ، ونبّه بتلك أنظار الناظرين ليتخذوها مثلا إلى نظائرها ، وسائر وجوه منافعها من جهة كونها فراشا سوى المنافع الخارجة عن تلك الجهة.