المادة ؛ إذ أصل الفرش هو البسط ، فيقال : فرشت الشيء أفرشه فراشا بسطته ، ويقال : فرشه أمره إذا وسّعه إياه ، والفرش الفضاء الواسع ، والفرش في رجل البعير : اتساع قليل ، وافترش الشيء أي : انبسط ، وافترش ذراعيه : بسطهما على الارض. وافترش لسانه إذا تكلّم كيف شاء أي : بسطه ، وتفرش الطائر : رفرف بجناحيه وبسطهما. كلّ ذلك على ما ذكره الجوهري.
والسعة متقاربة مع البسط مفهوما لتضمن البسط توسيعا ، فكأنّ الاصل في معناه هو البسط ، وإطلاقه على غيره باعتباره ، كما يظهر من ملاحظة جملة أخرى من إطلاقه أيضا لمعنى البسط ، كما أنّ ما فيه أيضا من أنّ الفرش المفروش من متاع البيت ظاهر المناسبة لمعنى البسط ؛ إذ هو معدّ لأن يبسط ، وكأنّ هذا الاعتبار الاخير أعني : المفروش ، هو الظاهر من لفظ الفراش في المقام ونظائره ، لا مطلق ما يبسط ، كما أنّ لفظ البساط أيضا كذلك. ولذلك ذكر بعضهم أنّ : «معنى جعلها فراشا وبساطا ومهادا للناس أنهم يقعدون عليها وينامون ، ويتقلبون كما يتقلّب أحدهما على فراشه وبساطه ومهاده» (١).
ولعلّ إليه الاشارة بالتفسير ب «جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم» فيما تقدم ؛ إذ الفراش بهذا المعنى هو المفروشات المعدة لأن يبسط ويتقلّب عليها بالقعود والاضطجاع وغيرهما ، فلا بدّ فيها من تحقّق الملائمة للطبائع والموافقة للأجساد ، وأن لا تكون فيها كيفيّة منافرة أو ضارّة من الحرارة والبرودة المفرطين ، والرائحة الشديدة المنافرة ، وأن تكون بحيث يمكن الاستقرار عليها لا كالماء ، وأن يكون ليّنة في الجملة لا كالحجر الصلب ، وأن تكون بحيث تصلح للتقلّبات المقصودة فيها. وذلك لأنّه لا يعدّ للافتراش إلا ما له مناسبة وصلاحيّة له من
__________________
(١) نفس المصدر.