واحتجّوا بالخاصّ وهم يقدّرون أنّه العامّ ، واحتجّوا بأوّل الآية وتركوا السنّة (١) في تأويلها. ولم ينظروا إلى ما يفتح الكلام وإلى ما يختمه ، ولم يعرفوا موارده ومصادره ؛ إذ لم يأخذوه عن أهله ، فضّلوا وأضلّوا.
واعلموا رحمكم الله أنّه من لم يعرف من كتاب الله عزوجل الناسخ من المنسوخ ، والخاصّ من العامّ ، والمحكم من المتشابه ، والرخص من العزائم ، والمكّي والمدنيّ ، وأسباب التنزيل ، والمبهم من القرآن في ألفاظه المنقطعة والمؤلّفة ، وما فيه من علم القضاء والقدر ، والتقدم والتأخّر (٢) ، والمبيّن والعميق ، والظاهر والباطن ، والابتداء من الانتهاء (٣) ، والسؤال والجواب ، والقطع والوصل ، والمستثنى منه والجار [ي] فيه ، والصفة لما قبل ممّا يدلّ على ما بعد ، والمؤكّد منه ، والمفصّل ، وعزائمه ورخصه ، ومواضع فرائضه وأحكامه ، ومعنى حلاله وحرامه ، الّذي هلك فيه الملحدون ، والموصول من الالفاظ ، والمحمول على ما قبله وعلى ما بعده ، فليس بعالم في القرآن ، ولا هو من أهله. ومتى ادّعى معرفة هذه الاقسام مدّع بغير دليل ، فهو كاذب مرتاب ، مفتر على الله الكذب ورسوله ، ومأواه جهنّم وبئس المصير ـ إلى أن قال : ـ
__________________
(١) خ. ل : «السبب».
(٢) في البحار : «التقديم والتأخير».
(٣) في البحار : «والانتهاء» بدل «من الانتهاء».