كما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
«ما عاتب الله نبيّه فهو يعني به من قد مضى في القرآن ؛ مثل قوله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) ، عنى بذلك غيره» (١).
ولعلّ المراد من «قد مضى» ما أسقط اسمه من القرآن ، أو مضى زمانه ، ويكون المجرور ب «في» متعلّقا بقوله «عاتب» ، أو خبرا مقدّما مبتدأه قوله : «مثل قوله». ويحتمل تعميم المثل السابق لكلّ كلام ورد مختصّا بمورد ،
__________________
ـ سيد الحي ، فقيل له «حارثة بن لام» ، فأمّ رحله فلم يصبه شاهدا ، فقالت له أخته : انزل في الرحب والسعة ، فنزل فأكرمته ولاطفته ، ثم خرجت من خبائها فرأى أجمل أهل دهرها وأكملهم ، وكانت عقيلة قومها وسيدة نسائها ، فوقع في نفسه منها شيء ، فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك ، فجلس بفناء الخباء يوما وهي تسمع كلامه ، فجعل ينشد ويقول :
يا أخت خير البدو والحضارة |
|
كيف ترين في فتى فزارة |
أصبح يهوي حرة معطارة |
|
إياك أعني واسمعي يا جارة |
فلما سمعت قوله عرفت انه إيّاها يعني ، فقالت : ما ذا يقول ذي عقل اريب ولا رأي مصيب ولا أنف نجيب؟ فأقم ما قمت مكرما ، ثم ارتحل متى شئت مسلما ، ويقال : أجابته نظما فقالت :
إنّي أقول يا فتى فزارة |
|
لا أبتغى الزوح ولا الدعارة |
ولا فراق أهل هذى الجارة |
|
فارحل إلى أهلك باستخارة |
فاستحي الفتى وقال : ما أردت منكرا ، واسوأتاه! قالت : صدقت. فكأنها استحيت من تسرعها إلى تهمته. فارتحل ، فأتى النعمان فحيّاه وأكرمه. فلمّا رجع نزل على أخيها ، فبينا هو مقيم عندهم تطلعت إليه نفسها وكان جميلا ، فأرسلت إليه أن اخطبنى إن كان لك إليّ حاجة يوما من الدهر ، فاني سريعة إلى ما تريد. فخطبها وتزوّجها وساربها إلى قومه. يضرب لمن يتكلّم بكلام ويريد به شيئا غيره.»
(١) الآية : الاسراء / ٧٤ ؛ والحديث : راجع تعليقة ٣ من صفحة ٩٦.