ـ وجاء رجل من أهل الشام إلى عليّ بن الحسين عليهالسلام ، فقال : أنت عليّ بن الحسين؟ قال : «نعم» ، قال : أبوك الذي قتل المؤمنين؟ فبكى عليّ بن الحسين ، ثمّ مسح عينيه ، فقال : «ويلك ، كيف قطعت على أبي أنّه قتل المؤمنين؟» قال : قوله : «إخواننا قد بغوا علينا ، فقاتلناهم على بغيهم». فقال : «ويلك أما تقرأ القرآن؟» ، قال : بلى. قال : «فقد قال الله : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً ، وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً)(١) فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟» قال له الرجل : بل في عشيرتهم. قال : «فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم ، وليسوا إخوانهم في دينهم». قال : فرّجت عنّي فرّج الله عنك (٢).
ـ وقال عليّ بن الحسين عليهالسلام : أول من عمل المكيال والميزان شعيب النبي عليهالسلام عمله بيده ، فكانوا يكيلون ويوفون ، ثم إنهم بعد أن طففوا في المكيال والميزان وبخسوا في الميزان (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) فعذبوا بها (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ)(٣).
وقال الطبرسي في قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أي الزلزلة. وقيل : أرسل الله عليهم حرا شديدا فأخذ الله بأنفاسهم ، فدخلوا أجواف البيوت فدخل عليهم البيوت فلم ينفعهم ظل ولا ماء وأنضجهم الحر ، فبعث سحابة فيها ريح طيبة ، فوجدوا برد الريح وطيبها وظل السحابة فنادوا عليكم بها فخرجوا إلى البرية فلما اجتمعوا تحت السحابة ، ألهبها الله عليهم نارا ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد وصاروا رمادا ، وهو عذاب يوم الظلة.
وقيل : بعث الله عليهم صيحة واحدة فماتوا بها ، عن أبي عبد الله عليهالسلام. وقيل : إنه كان لشعيب قومان ، قوم أهلكوا بالرجفة وقوم هم
__________________
(١) هود : ٦١.
(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٠ ، ح ٥٣.
(٣) قصص الأنبياء للراوندي : ص ١٤٢ ، ح ١٥٣.