.................................................................................................
______________________________________________________
وحمل دخول بيوت مكة على من قرب ، ولكن بحيث يتوارى البيوت عنه بعد ، بعيد جدا.
ويمكن ان يقال : ان مكة بلدة كبيرة يجوز خفاء الأذان المتوسط على من في أوائلها ، ويكون دخول البيت كناية عن القرب التام ، بحيث يخرج عن اسم السفر ، وقد يتسامح في مثل ذلك ، ويقال : فلان دخل بيته إذا قرب.
وأيضا يمكن حملهما على من أدرك الوقت مسافرا عند القائل بالقصر بذلك ، ولو دخل البيت ، فهما مؤيد ان له.
وان الخبر الأول أيضا يوجب الحمل والتأويل ، لا الثاني فقط ، حيث يفهم من الإستبصار ، لأنه ما نقل إلا الثاني ، لأن الأول دل على ان ابتداء السفر هو من حين التواري وان ما قبله ليس بسفر ، فإذا انتهى اليه فانتهى سفره وما بقي مسافرا ، فهذا أيضا مؤيد أخر للتأويل فإن المسافر هو المقصر ، وليس هذا بمسافر حينئذ ، فتأمل.
ويمكن الجمع بوجه أخر (وان قال المصنف في المنتهى لا وجه الا ما مر) بان يقال : يحتمل ان يكون المراد ببقاء القصر جواز إبل استحبابا أيضا الى دخول البيت ، والوجوب قبل سماع الأذان ، بل يمكن الوجوب أيضا ، إذ لا منافاة إلا بين منطوقي الأخيرتين ومفهومي الأولتين (١) ولا ينبغي مثل هذا التأويل البعيد لذلك ، لإمكان عدم اعتبار المفهوم خصوصا مثل هذا المفهوم ، وان كان الظاهر من سوق الكلام والسؤال هنا اعتباره فيما نحن فيه ، فيترك بالمنطوق الأقوى.
وبالجملة : لو وجد القائل بالجواز والاستحباب فهو حسن ، والا فمشكل ، فان القول بغير المشهور ـ مع عدم القائل ، وخلاف ظاهر بعض الاخبار الصحيحة ـ يحتاج إلى جرئة ، وان وجد فقد فعل الشيخ مثله كثيرا في الجمع ، حيث يقول
__________________
(١) يريد بالأخيرتين صحيحة إسحاق بن عمار وصحيحة عيص بن قاسم وبالأولتين صحيحة محمد بن مسلم وصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمات