٥٥٧ ـ دانى جناحيه من الطّور فمرّ |
|
تقضّي البازي إذا البازي كسر (١) |
وقال الخليل : الطّور اسم جبل معلوم ؛ لأن لام التعريف تقتضي حمله على جبل معهود مسمى بهذا الاسم ، وهو جبل المناجاة. وقد يجوز أن ينقله الله إلى حيث هم ، فيجعله فوقهم وإن كان بعيدا منهم.
وقال ابن عباس : أمر الله جبلا من جبال «فلسطين» (٢) ، فانقلع من أصله حتى قام فوقهم كالظّلة ، وبعث نارا من قبل وجوههم ، وأتاهم البحر الملح من خلفهم ، وقيل لهم : خذوا ما آتيناكم ، أي : اقبلوا ما أعطيناكم وإلّا رضختكم بهذا الجبل ، وغرقتكم في هذا البحر ، وأحرقتكم بهذه النار فلما رأوا أن لا مهرب منه قبلوا ذلك ، وسجدوا خوفا ، وجعلوا يلاحظون الجبل ، وهم سجود ، فصارت سنّة في اليهود لا يسجدون إلّا على أنصاف وجوههم (٣).
قوله : «خذوا» في محل نصب بقول مضمر ، أي : وقلنا لهم : خذوا ، وهذا القول مضمر يجوز أن يكون في محل نصب على الحال من فاعل «رفعنا» والتقدير : ورفعنا الطور قائلين لكم خذوا. وقد تقدّم أن خذ محذوف الفاء أن الأصل : اؤخذ ، عند قوله : (وَكُلا مِنْها رَغَداً) [البقرة : ٣٥].
قوله : (ما آتَيْناكُمْ) مفعول «خذوا» ، و «ما» موصولة بمعنى الذي لا نكرة موصوفة ، والعائد محذوف أي : ما آتيناكموه.
__________________
(١) ينظر ديوانه : (٢٨) ، الخصائص : (٢ / ٩٠) ، أمالي القالي : ٢ / ١٧١) ، المحتسب : (١ / ١٥٧) ، المخصص : (١١ / ١٢٠) ، الدرر (٢ / ٢١٣) ، الكامل : (٣ / ٤٧) ، الكشاف : (٤ / ٤٢٦) ، مجاز القرآن : (٢ / ٣٠٠) ، ابن يعيش : (١٠ / ٢٥٠) ، الهمع : (٢ / ١٥٧) ، الأشموني : (٤ / ٣٣٦) ، الصحاح : (قضض) ، الدر : (١ / ٢٤٨).
(٢) (فلسطين) بالكسر ، ثم الفتح ؛ وسكون السين ، وطاء مهملة ، وآخره نون : آخر كور الشام من ناحية مصر ، قصبتها بيت المقدس ، ومن مشهور مدنها : عسقلان ، والرملة ، وغزّة ، وأرسوف ، وقيسارية ، ونابلس ، وأريحا ، وعمّان ، ويافا ، وبيت جبرين ، وهي أول أجناد الشام ، أولها من ناحية الغرب «رفح» ، وآخرها «اللّجون» من ناحية الغور.
وعرضه من البلقاء إلى أريحا ثلاثة أيام ، و «زغر» ديار قوم لوط ، وجبال الشراة إلى «أيلة» كله مضموم إلى جند فلسطين ، وأكثرها جبال ؛ والسهل فيها قليل.
وقيل : إنها الأرض التي قال الله ـ تعالى ـ : (الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، و (الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) ..
وقيل : فلسطين أيضا قرية بالعراق. ينظر مراصد الاطلاع : ٣ / ١٠٤٢.
والآن قد تمالأ الصهاينة والعملاء الخونة فسلبوها إسلامها ، ويكيدون في الظلام لأخذ قدسها المبارك ، مسرى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فرد الله كيدهم في نحورهم ، وسلّم الله الأرض والقدس لدينه وعباده المسلمين.
(٣) ذكره ابن جرير في تفسيره (٢ / ١٥٨ ، ١٥٩) ، مع اختلاف في اللفظ.