الأول : حين أخرجهم من صلب آدم ، وأشهدهم على أنفسهم.
والثاني : أنه ألزم النّاس متابعة الأنبياء ، وهو المراد من هذا العهد.
قال ابن الخطيب (١) : «وهذا ضعيف».
فإن قيل : لم قال : «ميثاقكم» ولم يقل : «مواثيقكم»؟
قال القفّال : لوجهين :
أحدهما : أراد به الدلالة على أنّ كلّ واحد منهم قد أخذ ذلك كما قال : (يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [غافر : ٦٧] أي : كل واحد منهم أخذ عليه ما أخذ على غيره ، فلا جرم كان كله ميثاقا واحدا.
والثاني : أنه لو قال : مواثيقكم لأبهم أن يكون هناك مواثيق أخذت عليهم لا ميثاق واحد.
قوله : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) نظيره : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) [الأعراف : ١٧١]. و «الواو» في قوله : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ) واو عطف على تفسير ابن عباس ، والمعنى : أن أخذ الميثاق كان متقدما فلما نقضوه بالامتناع عن قبول الكتاب رفعنا عليهم الجبل.
وعلى تفسير أبي مسلم ليست واو عطف ولكنها واو الحال ، كما يقال : «فعلت ذلك والزمان زمان» فكأنه قال : وإذ أخذنا ميثاقكم عند رفعنا الطّور فوقكم.
وفوقكم ظرف مكان ناصبه «رفعنا» ، وحكم «فوق» مثل حكم «تحت» ، وقد تقدم الكلام عليه.
قال أبو البقاء (٢) : ويضعف أن يكون حالا من «الطور» ؛ لأن التقدير يصير : ورفعنا الطور عاليا ، وقد استفيد من «رفعنا». وفي هذا نظر ؛ لأن المراد به علو خاص ، وهو كونه عاليا عليهم لا مطلق العلو حتى يصير : رفعناه عاليا كما قدره. قال : «لأن الجبل لم يكن فوقهم وقت الرفع ، وإنما صار فوقهم بالرفع».
ولقائل أن يقول : لم لا تكون حالا مقدرة ، وقد قال هو في قوله : (بِقُوَّةٍ) إنها حال مقدرة كما سيأتي.
و «الطور» اسم [لكلّ](٣) جبل ، وقيل : [لما](٤) أنبت منها خاصة دون ما لم ينبت ، وهل هو عربي أو سريانيّ قولان.
وقيل : سمي بطور بن إسماعيل عليه الصلاة والسلام ؛ وقال العجّاج : [الرجز]
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي : ٣ / ٩٩.
(٢) ينظر الإملاء : ١ / ٤١.
(٣) في أ : لمكان.
(٤) في ب : ما.