والمرفوع بعدها مبتدأ خلافا للكسائي حيث رفعه بفعل مضمر ، وللفراء حيث قال : «مرفوع بنفس لو لا». وخبره واجب الحذف للدلالة عليه وسد شيء مسده وهو جوابها والتقدير : ولو لا فضل الله كائن أو حاصل ، ولا يجوز أن يثبت إلا في ضرورة شعر ، ولذلك لحّن المعرّيّ في قوله : [الوافر]
٥٦٠ ـ يذيب الرّعب منه كلّ عضب |
|
فلولا الغمد يمسكه لسالا (١) |
حيث أثبت خبرها بعدها ، هكذا أطلقوا ، وبعضهم فصّل فقال : إن كان خبر ما بعدها كونا مطلقا ، فالحذف واجب ، وعليه جاء التنزيل وأكثر الكلام ، وإن كان كونا مقيدا فلا يخلو إما أن يدلّ عليه دليل أو لا ، فإن لم يدلّ عليه دليل ، وجب ذكره ؛ نحو قوله عليه الصّلاة والسّلام : «لو لا قومك حديثو عهد بكفر» (٢) ، وقول الآخر : [الطويل]
٥٦١ ـ فلولا بنوها حولها لخبطتها |
|
.......... (٣) |
وإن دلّ عليه دليل جاز الذّكر والحذف نحو : «لو لا زيد لغلبنا» أي : شجاع ، وعليه بيت المعرّي المتقدم.
__________________
قال الأعلم الشنتمري : وعند سيبويه رفع «أحضر» لحذف الناصب وتعريه منه ، والمعنى : لأن أحضر الوغى ، وقد يجوز النصب بإضمار «أن» ضرورة ، وهو مذهب الكوفيين (الكتاب ٣ / ٩٩).
أما ابن يعيش : فيستشهد بالبيت على اطراد حذف «أن» وإرادتها ، والمراد : أن أحضر الوغى ، فلما حذف «أن» ارتفع الفعل وإن كانت مرادة (شرح المفصل ٤ / ٢٨).
أما الزجاجي : فيرفعه على فقدان الناصب ، ويرويه منصوبا (الجمل في النحو : للزجاجي ، ١٤٠ ، ١٤١).
أما ابن هشام : فيرى حذف «أن» وارتفاع الفعل مع من رفع «أحضر» (مغني اللبيب ٢ / ٣٨٣).
قال الفارسي : روى ابن قطرب عن أبيه ؛ أنه سمع من العرب من يقول : ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى بنصب أحضر على إضمار «أن» ، وهذا قبيح ؛ ألا ترى أنّ «أن» لا تكاد تعمل مضمرة ، حتى يثبت منها عوض ، نحو : الفاء أو الواو ، أو تعطف على اسم.
(١) البيت لأبي العلاء المعري في أوضح المسالك ١ / ٢٢١ ، والجنى الداني ٦٠٠ ، والدرر ٢ / ٢٧ ، ورصف المباني ٢٩٥ ، شرح الأشموني ١ / ١٠٢ ، وشرح ابن عقيل ١٢٨ ، مغني اللبيب ١ / ٢٧٣ ، المقرب ١ / ٨٤ ، الدر المصون ١ / ٢٤٩.
(٢) أخرجه ابن ماجه في السنن (٢ / ١٩٨٥) كتاب المناسك باب الطواف بالحجر حديث رقم (٢٩٥٥) بلفظه.
والدارمي في السنن (٢ / ٥٤) كتاب المناسك باب الحجر من البيت وأخرجه البخاري في الصحيح بلفظ مقارب (٢ / ٢٨٧) كتاب الحج باب فضل مكة ... حديث رقم (١٥٨٥) ، (١٥٨٣) ، (٤ / ٢٨٨) كتاب الأنبياء ... حديث رقم (٣٣٣٦٨).
وأحمد في المسند (٦ / ١٧٩) ـ وابن خزيمة في صحيحه حديث (٣٠٢٠) والحاكم في المستدرك (١ / ٤٧٩) ـ وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم (٣٤٦٦٦).
(٣) صدر بيت للزبير بن العوام وعجزه :
كخبطة عصفور ولم أتلعثم
ينظر المغني : (٥٦٣) ، العيني : (١ / ٥٧١) ، شرح شواهد المغني : (٢ / ٨٤١) ، الدر : (١ / ٢٥٠).