إنسان معيّن ولم يبعها إلّا بأضعاف ثمنها فاشتروها وذبحوها ، وأمرهم موسى ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ أن يأخذوا عضوا منها ، فيضربوا به القتيل ، ففعلوا فأحيا الله القتيل ، وسمى لهم قاتلهم ، وهو الذي ابتدأ بالشّكاية فقتلوه [فورا](١).
قوله : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) المفعول الثاني ل «أتتخذنا» هو «هزوا» ، وفي وقوع «هزوا» مفعولا ثانيا ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه على حذف مضاف ، أي : ذوي هزء.
الثاني : أنه مصدر واقع موقع المفعول به ، أي مهزوءا بنا.
الثالث : أنهم جعلوا نفس الهزء مبالغة. وهذا أولى.
وقال الزمخشري (٢) : وبدأ ب «أتجعلنا» مكان هزء ، وهو قريب من هذا. وفي «هزوا» ستّ قراءات (٣) ، المشهور منها ثلاث : «هزؤا» بضمتين مع الهمز ، و «هزءا» بسكون الزّاي مع الهمز وصلا ، وهي قراءة حمزة رحمهالله ، فإذا وقف أبدلها واوا ، وليس قياس تخفيفها ، وإنما قياسه إلقاء حركتها على الساكن قبلها.
وإنما اتبع رسم المصحف ، فإنها رسمت فيه «واو» ، ولذلك لم يبدلها في «جزءا» واوا وقفا لأنها لم ترسم فيه واوا كما سيأتي ، وقراءته أصلها الضم كقراءة الجماعة إلّا أنه خفّف كقولهم في عنق : عنق.
وقيل : بل هي أصل بنفسها ليست مخففة من ضم.
حكى مكّي عن الأخفش عن عيس بن عمر : «كل اسم ثلاثي أوله مضموم يجوز فيه لغتان : التخفيف والتثقيل».
و «هزوا» بضمتين مع الواو وصلا ووقفا ، وهي قراءة حفص عن عاصم ، كأنه أبدل الهمزة واوا تخفيفا ، وهو قياس مطرد في كل همزة مفتوحة مضموم ما قبلها نحو : جون في جؤن ، وحكم [كفوا](٤) في قوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ٤] حكم «هزوا» في جميع ما تقدم قراءة وتوجيها.
و «هزا» بإلقاء حركة الهمزة على الزاي وحذفها ، وهو أيضا قياس مطرد.
و «هزوا» بسكون العين مع الواو. و «هزّا» بتشديد الزاي من غير همزة ، ويروى
__________________
(١) في أ : قودا.
(٢) ينظر الكشاف : ١ / ١٤٨.
(٣) انظر الكلام عن هذه القراءات في : الكشف : ١ / ٢٤٧ ، والسبعة : ١٥٧ ، وحجة القراءات : ١٠٠ ، ١٠١ ، والشواذ : ٦ ، والحجة : ٢ / ١٠٠ ـ ١٠٤ ، والعنوان : ٦٩ ، وشرح شعلة : ٢٦٥ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٣٣ ، ٣٥ ، وإتحاف : ١ / ٣٩٧.
(٤) في ب : كفئا.