ورابعها : أن «أو» بمعنى «بل» ؛ وقال الشاعر : [الطويل]
٥٩٤ ـ فو الله ما أدري أسلمى تقوّلت |
|
أم النّوم أو كلّ إليّ حبيب (١) |
وخامسها : أنه على حد قولك : «ما أكل إلا حلوا أو حامضا» أي : طعامه لا يخرج عن هذين ، وليس الغرض إيقاع التردّد بل نفي غيرهما.
وسادسها : أن «أو» حرف إباحة ، أي : بأي هذين شبّهت قلوبهم كان صدقا كقولهم : «جالس الحسن أو ابن سيرين» أي أيهما جالست كنت مصيبا أيضا. و «أشدّ» مرفوع لعطفه على محل «كالحجارة» أي : فهي مثل الحجارة أو أشد. والكاف يجوز أن تكون حرفا فتتعلّق بمحذوف ، وأن تكون اسما فلا تتعلّق بشيء ، ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوفا أي : أو هي أشد.
و «قسوة» منصوب على التمييز ؛ لأن الإبهام حصل في نسبة التفضيل إليهما ، والمفضل عليه محذوف للدلالة عليه ، أي : أشدّ قسوة من الحجارة.
وقرىء (٢) : «أشدّ» بالفتح ووجهها : أنه عطفها على «الحجارة» أي : فهي كالحجارة أو [كأشد](٣) منها.
قال الزمخشري (٤) موجها للرفع : و «أشد» معطوف على الكاف ، إما على معنى : أو مثل أشد ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وتعضده (٥) قراءة الأعمش بنصب الدال عطفا على «الحجارة» ويجوز على ما قاله أن يكون مجرورا بالمضاف المحذوف ترك على حاله ، كقراءة : (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] بجر «الآخرة» أي : ثواب الآخرة ، فيحصل من هذا أن فتحه الدال يحتمل أن تكون للنصب ، وأن تكون للجر.
وقال الزمخشري أيضا : فإن قلت : لم قيل : أشدّ قسوة مما يخرج منه «أفعل» التفضيل وفعل التعجب؟ يعني : أنه [مستكمل](٦) للشروط من كونه ثلاثيّا تاما غير لون ولا عاهة متصرفا غير ملازم للنفي.
ثم قال : قلت : لكونه أبين وأدلّ على فرط القسوة ، ووجه آخر وهو ألّا يقصد معنى الأقسى ، ولكنه [قصد](٧) وصف القسوة بالشدة ، كأنه قيل «اشتدت قسوة الحجارة ، وقلوبهم أشد قسوة».
__________________
(١) ينظر لسان العرب (درك) ، (أمم) ، والدرر : ٦ / ١٠٢ ، وهمع الهوامع : ٢ / ١٣٣ ، والصاحبي في فقه اللغة : ص ١٢٦ ، والأزهية : ص ١٢٩.
(٢) قرأ بها الأعمش ، وأبو حيوة.
انظر الشواذ : ٧ ، والتخريجات النحوية : ١٣٢ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٢٩ ، والدر المصون : ١ / ٢٦٣.
(٣) في أ : أشد.
(٤) ينظر الكشاف : ١ / ١٥٥.
(٥) تقدمت هذه القراءة.
(٦) في ب : مكتمل.
(٧) سقط في أ.