فلانا [فحججته] أي : غالبته ، ومنه الحديث : «فحجّ آدم موسى» (١) ، وذلك لأن الحجّة نفي الطّريق المسلوك الموصّلة للمراد.
والضمير في «به» يعود على «ما» من قوله تعالى : (بِما فَتَحَ اللهُ) وقد تقدم أنه يضعف القول بكونها مصدرية ، وأنه يجوز أن يعود على أحد المصدرين المفهومين من «أتحدّثونهم» و «فتح».
قوله : (عِنْدَ رَبِّكُمْ) ظرف معمول لقوله : (لِيُحَاجُّوكُمْ) بمعنى : ليحاجّوكم يوم القيامة ، فيكون ذلك زائدا في ظهور فضيحتكم على رؤوس الخلائق في الموقف ، فكنى عنه بقوله : (عِنْدَ رَبِّكُمْ) قاله الأصم وغيره.
وقال الحسن : «عند» بمعنى «في» أي : ليحاجّوكم في ربكم أي : فيكونون أحقّ به منكم.
وقيل : ثم مضاف محذوف أي : عند ذكر ربكم. وقال القفّال رحمهالله تعالى : يقال : فلان عندي عالم أي : في اعتقادي وحكمي ، وهذا عند الشّافعي حلال ، وعند أبي حنيفة ـ رحمهالله تعالى ـ حرام أي : في حكمهما وقوله : (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) أي : لتصيروا محجوجين [عند ربكم](٢) بتلك الدلائل في حكم الله.
ونظيره تأويل بعض العلماء قوله : (يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) [النور : ١٣] أي : في حكم الله وقضائه أن القاذف إذا لم يأت بالشهود لزمه حكم الكاذبين وإن كان في نفسه صادقا.
وقيل : هو معمول لقوله : (بِما فَتَحَ اللهُ) أي : بما فتح الله من عند ربّكم ليحاجّوكم ، وهو نعته ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأخذ ميثاقهم بتصديقه.
ورجّحه بعضهم وقال : هو الصحيح ؛ لأن الاحتجاج عليهم هو بما كان في الدّنيا.
وفي هذا نظر من جهة الصناعة ، وذلك أن «ليحاجّوكم» متعلق بقوله : (أَتُحَدِّثُونَهُمْ)
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح (٤ / ٣١٨) كتاب الأنبياء باب وفاة موسى وذكره بعد حديث رقم (٣٤٠٩) ، (٨ / ٢٢٦) كتاب القدر باب تحاج آدم وموسى حديث رقم (٦٦١٤) ، (٩ / ٢٦٥) كتاب التوحيد باب قوله تعالى وكلم الله موسى .. حديث رقم (٧٥١٥).
ومسلم في الصحيح (٤ / ٢٠٤٤) كتاب القدر (٤٦) باب حجاج آدم وموسى عليهماالسلام (٢) حديث رقم (١٦ / ٢٦٥٣) ، ٤ / ٢٠٤٥ كتاب القدر (٤٦) باب كل شيء بقدر (٤) حديث رقم (١٨ / ٢٦٥٥) ، (٤ / ٢٠٤٣ ـ ٢٠٤٤) كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى عليهماالسلام (٢) باب رقم (١٥ / ٢٦٥٢) وأبو داود في السنن حديث رقم (٤٧٠١) والترمذي في السنن حديث رقم (٢١٣٤) وابن ماجه في السنن حديث رقم (٨٠) وأحمد في المسند (٢ / ٢٦٨ ، ٢٩٨) ـ وابن عساكر (٢ / ٨١) ـ والخطيب في التاريخ (٤ / ٣٤٩).
(٢) سقط في ب.