قصعتهم الشّيطان» (١) وقال عليهالسلام](٢) : «من ضمّ يتيما من بين المسلمين إلى طعامه وشرابه حتّى يغنيه الله عزوجل غفرت له ذنوبه ألبتّة إلّا أن يعمل عملا لا يغفر» (٣).
قوله : (وَالْمَساكِينِ) جمع «مسكين» ، ويسمونه جمعا لا نظير له من الآحاد ، وجمعا على صيغة منتهى الجموع ، وهو من العلل القائمة مقام علّتين ، وسيأتي تحقيقه قريبا إن شاء الله تعالى.
وتقدم القول في اشتقاقه عند ذكر المسكنة.
واختلف فيه : هل هو بمعنى الفقير أو أسوأ حالا منه كقوله : (مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) [البلد : ١٦] أي : لصق جلده بالتراب ، وهو قول أبي حنيفة وغيره بخلاف الفقير ؛ فإن له شيئا ما.
قال : [البسيط]
٦٢٠ ـ أمّا الفقير الّذي كانت حلوبته |
|
وفق العيال فلم يترك له سبد (٤) |
أو أكمل حالا ؛ لأن الله جعل لهم ملكا ما ، قال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) [الكهف : ٧٩] وهو قول الشافعي وغيره.
فصل
إنما تأخّرت درجتهم عن اليتامى ؛ لأن المسكين قد ينتفع به في الاستخدام ، فكان الميل إلى مخالطته أكثر من الميل إلى مخالطة اليتامى ، وأيضا المسكين يمكنه الاشتغال بتعهّد نفسه ، ومصالح معيشته ، واليتيم ليس كذلك ، فلا جرم قدم الله ذكر اليتيم على المسكين.
قال عليه الصّلاة والسلام : «السّاعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ـ وأحسبه قال ـ وكالقائم لا يفتر من صلاة وكالصّائم لا يفطر» (٥).
__________________
(١) أخرجه الطبراني في «الأوسط» كما في «المجمع» (٨ / ١٦٣) والحارث بن أبي أسامة في «مسنده» كما في «المطالب العالية» (٢ / ٣٨٦) رقم (٢٥٣٤) عن أبي موسى الأشعري.
وقال الحافظ الهيثمي : وفيه الحسن بن واصل وهو الحسن بن دينار وهو ضعيف لسوء حفظه وهو حديث حسن والله أعلم.
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه أحمد (٤ / ٣٣٤) ، (٥ / ٢٩) والطبراني في «الكبير» (١٩ / ٣٠٠) وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٤ / ٢٤٦) وقال : وفيه علي بن زيد بن جدعان وحديثه حسن وقد ضعف.
والحديث ذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (٣ / ٣٤٧).
(٤) البيت للراعي : ينظر القرطبي (٨ / ١٠٧) ، الدر المصون : (١ / ٢٧٨).
(٥) أخرجه البخاري في الصحيح (٧ / ٨٠) كتاب الأدب ، (٨ / ١٠ ، ١١). ـ