نظير : «كان زيد يقوم» المعنى على الإخبار ، وبقيامه في الزمن الماضي ، وقرأ الحسن (١) والضحاك «الشياطون» إجراء له مجرى جمع السّلامة ، قالوا : وهو غلط. وقال بعضهم : لحن فاحش.
وحكى الأصمعي «بستان فلان حوله بساتون» وهو يقوي قراءة الحسن.
قوله تعالى : (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) فيه قولان :
أحدهما : أنه على معنى «في» ، أي : في زمن ملكه ، والملك هنا شرعه.
والثاني : أن يضمن تتلو معنى تتقوّل أي : تتقول على ملك سليمان ، وتقوّل يتعدى بعلى ، قال تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ).
وهذا الثاني أولى ، فإن التجوّز في الأفعال أولى من التجوّز في الحروف ، وهو مذهب البصريين ـ كما تقدم ـ وإنما أحوج إلى هذين التأويلين ؛ لأن تلا إذا تعدّى ب «على» كان المجرور ب «على» شيئا يصحّ أن يتلى عليه نحو : تلوت على زيد القرآن ، والملك ليس كذلك.
قال أبو مسلم : «تتلو» أي : تكذب على ملك سليمان يقال : تلا عليه : إذا كذب وتلا عنه إذا صدق. وإذا أبهم جاز الأمران.
قال ابن الخطيب (٢) : أي يكون الذي كانوا يخبرون به عن سليمان مما يتلى ويقرأ فيجتمع فيه كل الأوصاف ، والتلاوة : الاتباع أو القراءة وهو قريب منه.
قال أبو العباس المقرىء : و «على» ترد على ثلاثة أوجه :
الأول : بمعنى «في» كهذه الآية.
وبمعنى «اللام» ، قال تعالى : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام : ١٥٤] أي : للذي.
وبمعنى «من» ، قال تعالى : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) [المططفين : ٢] أي : من الناس يستوفون.
و «سليمان» علم أعجمي ، فلذلك لم ينصرف.
وقال أبو البقاء رحمهالله تعالى : «وفيه ثلاثة أسباب : العجمة والتّعريف والألف والنون» ، وهذا إنما يثبت بعد دخول الاشتقاق فيه ، والتصريف حتى تعرف زيادتها ، وقد تقدّم أنهما لا يدخلان في الأسماء الأعجميّة ، وكرر قوله : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) بذكره ظاهرا ؛ تفخيما له ، وتعظيما ؛ كقوله : [الخفيف]
__________________
(١) انظر الشواذ : ١٦ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٨٥ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٩٤ ، والدر المصون : ١ / ٣١٩ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٤١٠.
(٢) ينظر الفخر الرازي : ٣ / ١٨٥.