وجاء في أسمائه «الصبور» للمبالغة في الحلم عمن عصاه.
قوله : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) إن واسمها وخبرها ، والضّمير في «إنها» قيل: يعود على «الصلاة» ، وإن تقدم شيئان ؛ لأنها أغلب منه وأهم ، وهو نظير قوله : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١] أعاد الضمير على التّجارة ؛ لأنها أهم وأغلب ، كذا قيل ، وفيه نظر ؛ لأن العطف ب «أو» فيجب الإفراد ، لكن المراد أنه ذكر الأهم من الشّيئين ، فهو نظيرها من هذه الجهة.
وقيل : يعود على الاستعانة المفهومة من الفعل نحو : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [المائدة : ٨].
وقيل : على العبادة المدلول عليها بالصّبر والصلاة ، وقيل : هو عائد على الصبر والصّلاة ، وإن كان بلفظ المفرد ، وهذا ليس بشيء.
وقيل : حذف من الأول لدلالة الثاني عليه ؛ وتقديره : وإنه لكبير ؛ نحو قوله : [الخفيف]
٤٥٥ ـ إنّ شرخ الشّباب والشّعر الأس |
|
ود ما لم يعاص كان جنونا (١) |
ولم يقل : «يعاصيا» ردّ إلى الشباب ؛ لأن الشعر داخل فيه ، وكذا الصّبر لما كان داخلا في الصلاة عاد عليها كما قال : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢] ، ولم يقل : يرضوهما ؛ لأن رضا الرسول داخل في رضا الله عزوجل.
وقيل : ردّ الكتابة إلى كل واحد منهما ، لكن حذف اختصارا ، كقوله : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) [المؤمنون : ٥] ، ولم يقل : آيتين ، وقال الشاعر : [الطويل]
٤٥٦ ـ فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإنّي وقيّار بها لغريب (٢) |
أراد : «لغريبان».
وقيل : على إجابة محمد عليه الصّلاة والسّلام ، لأنّ الصبر والصّلاة مما كان يدعو
__________________
(١) ينظر ديوان حسان : (٢٣٦) ، ابن الشجري : (١ / ٣٠٩) ، المخصص : (١ / ٣٨) ، جمهرة اللغة : (٢ / ٢٧) ، مجاز القرآن : (١ / ٢٥٨) ، المقرب : (٢٥٧) ، الصاحبي : (٣٦٢) ، اللسان : «شرخ» ، الدر المصون : (١ / ٢١٢).
(٢) البيت لضابىء بن الحارث البرجمي في الأصمعيات ص ١٨٤ ، والإنصاف : ص ٩٤ ، وتخليص الشواهد ص ٣٨٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٢٦ ، ١٠ / ١٢ ، ٣١٣ ، ٣٢٠ ، والدرر ٦ / ١٨٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٦٩ ، وشرح التصريح ١ / ٢٢٨ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٦٧ ، وشرح المفصل ٨ / ٨٦ ، والشعر والشعراء ص ٣٥٨ ، والكتاب ١ / ٧٥ ، ولسان العرب (قير) ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٨٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣١٨ ، ونوادر أبي زيد ص ٢٠ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ١٠٣ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٥٨ ، ورصف المباني ص ٢٦٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٧٢ ، وشرح الأشموني ١ / ١٤٤ ، ومجالس ثعلب ص ٣١٦ ، ٥٩٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٤ ، الدر المصون ١ / ٣١٢.