وأتى هنا ب «لا» لأنها ينفى بها الحال والاستقبال ، وإن كان بعضهم خصّها بالاستقبال ، والضّرّ والنفع معروفان ، يقال ضرّه يضرّه بضم الضاد ، وهو قياس المضاعف المتعدّي ، والمصدر : الضّر والضّر بالضم والفتح ، والضّرر بالفك أيضا ، ويقال : ضارة يضيره بمعناه ضيرا ؛ قال الشاعر : [الطويل]
٧١٥ ـ تقول أناس لا يضيرك نأيها |
|
بلى كلّ ما شفّ النّفوس يضيرها (١) |
وليس حرف العلة مبدلا من التضعيف.
ونقل بعضهم : أنه لا يبنى من نفع اسم مفعول فيقال : منفوع ، والقياس لا يأباه.
قوله : (وَلَقَدْ عَلِمُوا) تقدم أن هذه اللّام جواب قسم محذوف.
و «علم» يجوز أن تكون متعدية إلى اثنين أو إلى واحد ، وعلى كلا التقديرين فهي معلّقة عن العمل فيما بعدها لأجل اللام ، فالجملة بعدها في محل نصب ؛ إما سادّة مسدّ مفعولين ، أو مفعول واحد على حسب ما تقدم ، ويظهر أثر ذلك في العطف عليها ، فإن اعتقدنا تعديها لاثنين عطفنا على الجملة بعدها مفعولين ، وإلا عطفنا واحدا ، ونظيره في الكلام : علمت لزيد قائم وعمرا ذاهبا ، أو علمت لزيد قائم وذهاب عمرو.
والذي يدل على أن الجملة المعلقة بعد علم في محل نصب وعطف المنصوب على محلها قول الشاعر : [الطويل]
٧١٦ ـ وما كنت أدري قبل عزّة ما الهوى |
|
ولا موجعات القلب حتّى تولّت (٢) |
روي بنصب «موجعات» على أنه عطف على محل «ما الهوى» ، وفي البيت كلام إذ يحتمل أن تكون «ما» زائدة ، «والهوى» مفعول به ، فعطف «موجعات» عليه ، ويحتمل أن تكون «لا» نافية للجنس و «موجعات» اسمها ، والخبر محذوف كأنه قال : ولا موجعات القلب عندي حتى تولّت.
والضمير في «علموا» فيه خمسة أقوال :
أحدها : ضمير اليهود الذين بحضرة محمد عليهالسلام ، أو ضمير من بحضرة سليمان ، أو ضمير جميع اليهود ، أو ضمير الشياطين أو ضمير الملكين عند من يرى أن الاثنين جمع.
قوله : (لَمَنِ اشْتَراهُ) في هذه اللام قولان :
أحدهما (٣) : وهو ظاهر (٤) قول النحاة أنها لام الابتداء المعلّقة ل «علم» عن العمل
__________________
(١) ينظر البحر المحيط : ١ / ٤٨٧ ، الدر المصون : ١ / ٣٢٧.
(٢) البيت لكثير عزة. ينظر ديوانه : ص ٩٥ ، خزانة الأدب : ٩ / ١٤٤ ، شرح التصريح : ١ / ٢٥٧ ، شرح شذور الذهب : ٤٧٥ ، شرح شواهد المغني : ص ٨١٣ ، ٨٢٤ ، أوضح المسالك : ٢ / ٦٤ ، شرح الأشموني : ص ١٦٢ ، العيني : ٢ / ٤٠٨ ، الدر المصون : ١ / ٣٢٨.
(٣) في ب : أظهرهما.
(٤) سقط في ب.