٧٢٦ ـ نعب الغراب فقلت بين عاجل |
|
ما شئت إذ ظعنوا لبين فانعب (١) |
ورد هذا القول بشيئين :
أحدهما : أنه يلزم خلوّ جملة الجزاء من ضمير يعود على اسم الشرط ، وهو غير جائز ، لما تقدم عند قوله : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) [البقرة : ٩٧].
والثاني : أن «من» لا تزاد في الموجب ، والشرط موجب ، [وهذا فيه خلاف لبعض](٢) البصريين أجاز زيادتها في الشرط ؛ لأنه يشبه النفي ، ولكنه خلاف ضعيف.
وقرأ ابن عامر (٣) : «ننسخ» بضم النون ، وكسر السين من «أنسخ».
قال أبو حاتم : «هو غلط» وهذه جرأة منه على عادته.
وقال أبو علي : «ليست لغة» ؛ لأنه لا يقال : نسخ وأنسخ بمعنى ، ولا هي للتعدية ؛ لأن المعنى يجيء : ما نكتب من آية ، وما ننزل من آية ، فيجيء القرآن كله على هذا منسوخا ، وليس الأمر كذلك ، فلم يبق إلا أن يكون المعنى : ما نجده منسوخا كما يقال : أحمدته وأبخلته ، أي : وجدته كذلك ، ثم قال : «وليس نجده منسوخا إلّا بأن ننسخه ، فتتفق القراءتان في المعنى ، وإن اختلفتا في اللفظ».
فالهمزة عنده ليست للتعدية. وجعل الزمخشري ، وابن عطية الهمزة للتعدية ، إلا أنهما اختلفا في تقدير المفعول الأول المحذوف ، وفي معنى الإنساخ ، فجعل الزمخشري المفعول المحذوف جبريل عليهالسلام ، والإنساخ هو الأمر بنسخها ، أي : الإعلام به.
وجعل ابن عطية المفعول ضمير النبي عليهالسلام ، والإنساخ إباحة النّسخ لنبيه ، كأنه لما نسخها أباح له تركها ، فسمى تلك الإباحة إنساخا.
وخرج ابن عطية القراءة (٤) على كون الهمزة للتعدية من وجه آخر ، وهو من نسخ الكتاب ، وهو نقله من غير إزالة له.
قال : ويكون المعنى : ما نكتب وننزل من اللّوح المحفوظ ، أو ما نؤخر فيه ، ونتركه فلا ننزله ، أي ذلك فعلنا فإنا (٥) نأتي بخير من المؤخر المتروك أو بمثله ، فيجيء الضميران في «منها» ، و «بمثلها» عائدين على الضمير في «ننسأها».
قال أبو حيان (٦) : وذهل عن القاعدة ، وهي أنه لا بد من ضمير يعود من الجزاء
__________________
(١) ينظر البحر : ١ / ٥١٣ ، الدر المصون : ١ / ٣٣٤.
(٢) في أ : بعض.
(٣) انظر السبعة : ١٦٨ ، والكشف : ١ / ٢٥٧ ، وحجة القراءات : ١٠٩ ، والعنوان : ٧١ ، والحجة : ٢ / ١٨٠ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٥٤ ، ٥٥ ، وشرح شعلة : ٢٧٢ ، وإتحاف : ١ / ٤١١.
(٤) انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٩٢.
(٥) في ب : فإنما.
(٦) ينظر البحر المحيط : ١ / ٥١٢.