واختلفوا فيمن هم الذين عناهم الله ـ تعالى ـ أهم الذين كانوا زمن بعثة عيسى عليهالسلام أو في زمن محمد عليهالسلام؟
[فإن قيل : كيف قالوا ذلك مع أن الفريقين كانوا يثبتون الصّانع وصفاته سبحانه ، وذلك قول فيه فائدة؟
والجواب عندهم من وجهين :
الأول : أنهم لما ضمّوا إلى ذلك القول الحسن قولا باطلا يحبط ثواب الأول ، فكأنهم لم يأتوا بذلك الحق.
الثّاني : أن يخص هذا العام بالأمور التي اختلفوا فيها ، وهي ما يتّصل بإثبات الثّواب](١).
قوله تعالى : (وَهُمْ يَتْلُونَ) جملة حالية ، وأصل يتلون : يتلوون فأعلّ بحذف «اللّام» ، وهو ظاهر.
و «الكتاب» اسم جنس ، أي قالوا ذلك حال كونهم من أهل العلوم والتلاوة من كتب ، وحقّ من حمل التوراة ، أو الإنجيل ، أو غيرهما من كتب الله ، وآمن به ألّا يكفر بالباقي ؛ لأن كل واحد من الكتابين مصدق للثاني شاهد لصحته.
قوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) في هذه الكاف قولان :
أحدهما : أنها في محلّ نصب ، وفيها حينئذ تقديران :
أحدهما : أنها نعت لمصدر محذوف قدم على عامله ، تقديره : قولا مثل ذلك القول [الذي قال أي قال القول] الذين لا يعلمون.
[الثاني : أنها في محلّ نصب على الحال من المصدر المعرفة المضمر الدال عليه. قال : تقديره : مثل ذلك القول قاله أي : قال القول الذين لا يعلمون](٢) حال كونه مثل ذلك القول ، وهذا رأي سيبويه رحمهالله ، والأول رأي النّحاة ، كما تقدم غير مرة ، وعلى هذين القولين ففي نصب «مثل قولهم» وجهان :
أحدهما : أننه منصوب على البدل من موضع الكاف.
الثاني من الوجهين : أنه مفعول به العامل فيه «يعلمون» ، أي : الذين لا يعلمون مثل مقالة اليهود ، والنّصارى قالوا مثل مقالتهم ، أي : أنهم قالوا ذلك على سبيل الاتّفاق ، وإن كانوا جاهلين بمقالة اليهود والنصارى.
الثاني من القولين : أنها في محلّ رفع بالابتداء ، والجملة بعدها خبر ، والعائد محذوف تقديره: [مثل ذلك قاله الذين لا يعلمون.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.