و «من» يجوز أن تكون موصولة ، فلا محلّ للجملة بعدها ، وأن تكون مرصوفة فتكون الجملة محلّ جار صفة لها.
و «مساجد» مفعول أول ب «منع» ، وهي جمع مسجد ، وهو اسم مكان السجود ، وكان من حقه أن يأتي على «مفعل» بالفتح لانضمام عين مضارعه ، ولكن شذّ كسره ، [كما شذت ألفاظ تأتي](١).
وقد سمع «مسجد» بالفتح على الأصل.
قال القرطبي رحمهالله : قال الفرّاء : كل ما كان على «فعل يفعل» ، مثل دخل يدخل ، فالمفعل منه بالفتح اسما كان أو مصدرا ، ولا يقع فيه الفرق ، مثل : دخل يدخل مدخلا ، وهذا مدخله ، إلا أحرفا من الأسماء ألزموها كسر العين ، من ذلك : المسجد ، والمطلع ، والمغرب ، والمشرق ، والمسقط ، والمفرق ، والمجزر ، والمسكن ، والمرفق ، من : رفق يرفق ، والمنبت ، والمنسك من : نسك ينسك ، فجعلوا الكسر علامة للاسم.
والمسجد ـ بالفتح ـ جبهة الرجل حيث يصيبه مكان السجود.
قال الجوهري رحمهالله تعالى : «الأعضاء السّبعة مساجد ، وقد تبدل جيمه ياء ، ومنه : المسجد لغة».
قول تعالى : (أَنْ يُذْكَرَ) ناصب ومنصوب ، وفيه أربع أوجه :
أحدها : أنه مفعول ثاني ل (مَنَعَ) ، تقول : منعته كذا.
والثاني : أنه مفعول من أجله أي : كراهة أن يذكر.
وقال أبو حيان (٢) : فتعين حذف مضاف أي دخول مساجد الله ، وما أشبهه.
والثالث : أنه بدل اشتمال من (مَساجِدَ) أي : منع ذكر اسمه فيها.
والرابع : أنه على إسقاط حرف الجر ، والأصل من أن يذكر ، وحينئذ يجيء فيها مذهبان مشهوران من كونها في محلّ نصب أو جر ، و «في خرابها» متعلق ب «سعى».
واختلف في «خراب» فقال أبو البقاء : «هو اسم مصدر بمعنى التخريب كالسّلام بمعنى التسليم ، وأضيف اسم المصدر لمفعوله ؛ لأنه يعمل عمل الفعل».
وهذا على أحد القولين في اسم المصدر ، هل يعمل أو لا؟ وأنشدوا على إعماله : [الوافر]
٧٤٦ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عنّي |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٣) |
وقال غيره : هو مصدر : خرب المكان يخرب خرابا ، فالمعنى : سعى في أن تخرب
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر البحر المحيط : ١ / ٥٢٧.
(٣) تقدم برقم ٣٣٩.