أحدهما : أنهما اسما مكان الشروق والغروب.
والثاني : أنهما اسما مصدر ، أي : الإشراق والإغراب ، والمعنى : لله تعالى تولي إشراق الشمس من مشرقها ، وإغرابها من مغربها ، وهذا يبعده قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) ، وأفرد المشرق والمغرب إذ المراد ناحيتاهما ، أو لأنهما مصدران ، وجاء المشارق والمغارب باعتبار وقوعهما في كل يوم ، والمشرقين والمغربين باعتبار مشرق الشتاء والصيف ومغربيهما ، وكان من حقهما فتح العين لما تقدم من أنه إذا لم تنكسر عين المضارع ، فحق اسم المصدر والزمان والمكان فتح العين ، ويجوز ذلك قياسا لا تلاوة.
قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) «أين» هنا اسم شرط بمعنى «إن» و «ما» مزيدة عليها ، و (تُوَلُّوا) مجزوم بها.
وزيادة «ما» ليست لازمة لها ؛ بدليل قوله : [الخفيف]
٧٥٠ ـ أين تضرب بنا العداة تجدنا |
|
.......... (١) |
وهي ظرف مكان ، والناصب لها ما بعدها ، وتكون اسم استفهام أيضا ، فهي لفظ مشترك بين الشرط والاستفهام ك «من» و «ما».
وزعم بعضهم أن أصلها السؤال عن الأمكنة ، وهي مبنية على الفتح لتضمنها معنى حرف شرط أو الاستفهام.
وأصل تولّوا : تولّيوا فأعل بالحذف ، وقرأ الجمهور : «تولوا» بضم التاء واللام بمعنى تستقبلوا ، فإن «ولى» وإن كان غالب استعمالها أدبر ، فإنها تقتضي الإقبال إلى ناحية ما.
تقول : وليت عن كذا إلى كذا ، وقرأ الحسن (٢) : «تولّوا» بفتحهما.
وفيها وجهان :
أحدهما : أن يكون مضارعا ، والأصل : تتولوا من التولية ، فحذف إحدى التاءين تخفيفا ، نحو : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ) [القدر : ٤].
والثاني : أن يكون ماضيا ، والضمير للغائبين ردّا على قوله : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) فتتناسق الضمائر.
__________________
(١) صدر بيت للسلولي وعجزه :
نصرف العيس نحوها للتلاقي
ينظر شرح المفصل : ٤ / ١٠٥ ، البحر : ١ / ٥٢٥ ، الكتاب : ٣ / ٥٨ ، المقتضب : ٢ / ٤٨ ، شرح الأشموني : ٤ / ١٠ ، شرح عمدة الحافظ : ص ٧٤٨ ، الدر المصون : ١ / ٣٥٠
(٢) انظر الشواذ : ١٧ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٢٠٠ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٣٠ ، والدر المصون : ١ / ٣٥٠ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٤١٢.